قلت له مرة: أفتقول إنهما من أهل الجنة؟ فقال: أي والله! أعتقد ذلك، لأنهما إما أن يعفو الله تعالى عنهما ابتداء، أو بشفاعة الرسول صلى الله عليه وآله، أو بشفاعة علي عليه السلام، أو يؤاخذهما بعقاب أو عتاب ثم ينقلهما إلى الجنة، لا أستريب في ذلك أصلا، ولا أشك في إيمانهما برسول الله صلى الله عليه وآله وصحة عقيدتهما.
فقلت له: فعثمان؟ قال: وكذلك عثمان. ثم قال: رحم الله عثمان! وهل كان إلا واحدا منا، وغصنا من شجرة عبد مناف! ولكن أهله كدروه علينا، وأوقعوا العداوة والبغضاء بينه وبيننا.
قلت له: فيلزمك (1) على ما تراه في أمر هؤلاء أن تجوز دخول معاوية الجنة، لأنه لم تكن منه إلا المخالفة وترك امتثال الامر النبوي!.
فقال: كلا، إن معاوية من أهل النار، لا لمخالفته عليا، ولا بمحاربته إياه، ولكن عقيدته لم تكن صحيحة، ولا إيمانه حقا، وكان من رؤوس المنافقين هو وأبوه، ولم يسلم قلبه قط، وإنما أسلم لسانه، وكان يذكر من حديث معاوية ومن فلتات قوله، وما حفظ عنه من كلام يقتضى فساد العقيدة شيئا كثيرا، ليس هذا موضعه فأذكره.
وقال لي مرة: حاش لله أن يثبت معاوية في جريدة الشيخين الفاضلين أبى بكر وعمر! والله ما هما إلا كالذهب الإبريز، ولا معاوية إلا كالدرهم الزائف، - أو قال: كالدرهم القسي (2) - ثم قال لي: فما يقول أصحابكم فيهما؟ قلت: أما الذي استقر عليه رأى المعتزلة بعد اختلاف كثير بين قدمائهم في التفضيل وغيره، أن عليا عليه السلام أفضل الجماعة، وأنهم تركوا الأفضل لمصلحة رأوها، وأنه لم يكن هناك نص يقطع العذر، وإنما كانت إشارة وإيماء لا يتضمن شئ منها صريح النص، وإن عليا عليه السلام نازع ثم بايع،