أما بعد، فإن أمير المؤمنين كان لنا الجناح الحاضنة تأوى إليها فراخها تحتها، فلما أقصده (1) السهم صرنا كالنعام الشارد. ولقد كنت مشترك الفكر، ضال الفهم، ألتمس دريئة أستجن بها من خطأ الحوادث، حتى وقع (2) إلي كتابك، فانتبهت من غفلة طال فيها رقادي، فأنا كواجد المحجة كان إلى جانبها حائرا وكأني أعاين ما وصفت من تصرف الأحوال.
والذي أخبرك به أن الناس في هذا الامر تسعة لك وواحد عليك، ووالله للموت في طلب العز أحسن من الحياة في الذلة، وأنت ابن حرب فتى الحروب، ونضار (3) بنى عبد شمس، والهمم بك منوطة وأنت منهضها، (فإذا نهضت فليس حين قعود) وأنا اليوم على خلاف ما كانت عليه عزيمتي من طلب العافية، وحب السلامة قبل قرعك سويداء القلب بسوط الملام، ولنعم مؤدب العشيرة أنت! وإنا لنرجوك بعد عثمان، وهأنا متوقع ما يكون منك لأمتثله، وأعمل عليه إن شاء الله.
وكتب في أسفل الكتاب:
لا خير في العيش في ذل ومنقصة * والموت أحسن من ضيم ومن عار إنا بنو عبد شمس معشر أنف * غر جحاجحة طلاب أوتار والله لو كان ذميا مجاورنا * ليطلب العز لم نقعد عن الجار فكيف عثمان لم يدفن بمزبلة * على القمامة مطروحا بها عار!
فازحف إلي فإني زاحف لهم * بكل أبيض ماضي الحد بتار وكتب إليه الوليد بن عقبه:
أما بعد، فإنك أسد قريش عقلا، وأحسنهم فهما، وأصوبهم رأيا، معك حسن