أما بعد، فقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام في الخوف، ولا ينكل من الأعداء حذار الدوائر، أشد على الكافرين من حريق النار، وهو مالك بن الحارث الأشتر أخو مذحج، فاسمعوا له وأطيعوا، فإنه سيف من سيوف الله، لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد، فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، وإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تحجموا فاحجموا فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي، لنصيحته وشدة شكيمته على عدوه، عصمكم الله بالحق، وثبتكم بالتقوى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* * * قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن عبد الله، عن المدائني، عن رجاله، أن محمد بن أبي بكر لما بلغه أن عليا قد وجه الأشتر إلى مصر، شق عليه، فكتب عليه السلام إليه عند مهلك الأشتر:
أما بعد، فقد بلغني موجدتك من تسريح الأشتر إلى عملك، ولم أفعل ذلك استبطاء لك عن الجهاد، ولا استزادة لك منى في الجد، ولو نزعت ما حوت يداك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر مؤنة عليك، وأعجب ولاية إليك، إلا أن الرجل الذي وليته مصر، كان رجلا لنا مناصحا، وهو على عدونا شديد، فرحمة الله عليه، فقد استكمل أيامه، ولاقى حمامه، ونحن عنه راضون، فرضى الله عنه، وضاعف له الثواب، وأحسن له المآب.
فأصحر (1) لعدوك وشمر للحرب، وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأكثر ذكر الله والاستعانة به، والخوف منه، يكفك ما همك، ويعنك على ما ولاك. أعاننا الله وإياك على ما لا ينال إلا برحمته. والسلام.
قال: فكتب محمد بن أبي بكر إليه جوابه: