إلى عبد الله أمير المؤمنين من محمد بن أبي بكر:
سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فقد انتهى إلى كتاب أمير المؤمنين وفهمته، وعرفت ما فيه، وليس أحد من الناس أشد على عدو أمير المؤمنين، ولا أرأف وأرق لوليه منى. وقد خرجت فعسكرت، وأمنت الناس إلا من نصب لنا حربا، وأظهر لنا خلافا، وأنا أتبع أمر أمير المؤمنين، وحافظ ولاجئ إليه وقائم به، والله المستعان على كل حال، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
* * * قال إبراهيم: فحدث محمد بن عبد الله بن عثمان، عن ابن سيف المدائني، عن أبي جهضم الأزدي أن أهل الشام لما انصرفوا عن صفين، كانوا ينتظرون ما يأتي به الحكمان فلما انصرفا وتفرقا، وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة لم يزدد معاوية إلا قوة، واختلف أهل العراق على علي بن أبي طالب فلم يكن هم معاوية إلا مصر، وقد كان لأهلها هائبا لقربهم منه، وشدتهم على من كان على رأى عثمان، وقد كان علم أن بها قوما قد ساءهم قتل عثمان، وخالفوا عليا مع أنه كان يرجو أن يكون له فيها معاونة إذا ظهر عليها على حرب على، لوفور خراجها، فدعا معاوية من كان معه من قريش، وهم عمرو بن العاص السهمي، وحبيب بن مسلمة الفهري وبسر بن أرطاة العامري، والضحاك بن قيس الفهري، وعبد الرحمن ابن خالد بن الوليد المخزومي. ودعا من غير قريش نحو شرحبيل بن السمط الحميري، وأبى الأعور السلمي، وحمزة بن مالك الهمداني، فقال: أتدرون لماذا دعوتكم؟ قالوا: لا، قال: فإني دعوتكم لأمر هو لي مهم، وأرجو أن يكون الله عز وجل قد أعان عليه، فقال له القوم - أو من قال له منهم: إن الله لم يطلع على غيبه أحدا، ولسنا ندري ما تريد! فقال عمرو بن العاص: أرى والله أن أمر هذه البلاد المصرية لكثرة خراجها وعدد أهلها قد أهمك،