قال المدائني: وقيل لعلى عليه السلام: لقد جزعت على محمد بن أبي بكر يا أمير المؤمنين. فقال: وما يمنعني! إنه كان لي ربيبا، وكان لبني أخا، وكنت له والدا، أعده ولدا.
* * * [خطبة على بعد مقتل محمد بن أبي بكر] وروى إبراهيم، عن رجاله، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه قال: خطب علي عليه السلام بعد فتح مصر، وقتل محمد بن أبي بكر، فقال:
أما بعد، فإن الله بعث محمدا نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل، وشهيدا على هذه الأمة، وأنتم معاشر العرب يومئذ على شر دين، وفى شر دار، منيخون على حجارة خشن وحيات صم، وشوك مبثوث في البلاد، تشربون الماء الخبيث، وتأكلون الطعام الخبيث، تسفكون دماءكم، وتقتلون أولادكم، وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل. سبلكم خائفة، والأصنام فيكم منصوبة، ولا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون.
فمن الله عز وجل عليكم بمحمد، فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم، فعلمكم الكتاب والحكمة والفرائض والسنن، وأمركم بصلة أرحامكم وحقن دمائكم، وصلاح ذات البين، وأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن توفوا بالعهد، ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها، وأن تعاطفوا وتباروا، وتراحموا. ونهاكم عن التناهب والتظالم والتحاسد والتباغي والتقاذف، وعن شرب الخمر وبخس المكيال، ونقص الميزان. وتقدم إليكم فيما يتلى عليكم ألا تزنوا ولا تربوا، ولا تأكلوا أموال