احتجوا بالشجرة، وأضاعوا الثمرة!
* * * الشرح:
قد ذكرنا فيما تقدم طرفا من أخبار السقيفة، فأما هذا الخبر الوارد في الوصية بالأنصار، فهو خبر صحيح، أخرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري في مسنديهما، عن أنس بن مالك، قال: مر أبو بكر والعباس رضى الله تعالى عنهما بمجلس من الأنصار في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون فقالا ما يبكيكم؟ قالوا:
ذكرنا محاسن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدخلا على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبراه بذلك فخرج صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية بردة (1)، فصعد المنبر - ولم يصعده بعد ذلك اليوم - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقى الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم) (2).
فأما كيفية الاحتجاج على الأنصار، فقد ذكر ها علي عليه السلام، وهي أنه لو كان صلوات الله وسلامه عليه - ممن يجعل الإمامة فيهم، لأوصى إليهم ولم يوص بهم.
وإلى هذا نظر عمرو بن سعيد بن العاص، وهو المسمى بالأشدق، فإن أباه لما مات خلفه غلاما، فدخل إلى معاوية فقال: إلى من أوصى بك أبوك؟ فقال: إن أبى أوصى إلى ولم يوص بي، فاستحسن معاوية منه ذلك، فقال: إن هذا الغلام لأشدق، فسمى الأشدق.
فأما قول أمير المؤمنين: (احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة)، فكلام قد تكرر منه