كانوا معكم، ما حبسهم إلا المرض - يقول كانت لهم نية - ثم اعلم يا محمد أنى قد وليتك أعظم أجنادي أهل مصر، ووليتك ما وليتك من أمر الناس، فأنت محقوق أن تخاف فيه على نفسك، وتحذر فيه على دينك، ولو كان ساعة من نهار. فإن استطعت أن لا تسخط ربك لرضا أحد من خلقه فافعل، فإن في الله خلفا من غيره، وليس في شئ خلف منه، فاشتد على الظالم ولن لأهل الخير، وقربهم إليك، واجعلهم بطانتك وإخوانك. والسلام * * * قال إبراهيم: حدثني يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، قال: كتب على إلى محمد بن أبي بكر وأهل مصر:
أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله والعمل بما أنتم عنه مسؤولون، فأنتم به رهن، وإليه صائرون، فإن الله عز وجل يقول: ﴿كل نفس بما كسبت رهينة﴾ (1)، وقال:
(ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) (2). وقال: (فوربك لنسألنهم أجمعين. عما كانوا يعملون) (3). فاعلموا عباد الله أن الله سائلكم عن الصغير من أعمالكم والكبير، فإن يعذب فنحن الظالمون، وإن يغفر ويرحم فهو أرحم الراحمين. واعلموا أن أقرب ما يكون العبد إلى الرحمة والمغفرة حينما يعمل بطاعة الله ومناصحته في التوبة، فعليكم بتقوى الله عز وجل، فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها، ويدرك بها من الخير مالا يدرك بغيرها خير الدنيا وخير الآخرة، يقول الله سبحانه: (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين) (4). واعلموا عباد الله أن المؤمنين المتقين قد ذهبوا بعاجل الخير وآجله، شركوا أهل الدنيا في دنياهم،