وعذرة، يتألفهم بذلك ويدعوهم إلى الاسلام، فسار حتى إذا كان على ماء أرض جذام، يقال له: السلاسل - وقد سميت تلك الغزاة ذات السلاسل - خاف فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يستنجد، فأمده بجيش فيه مائتا فارس، فيه أهل الشرف والسوابق من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر، وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، فلما قدموا على عمرو، قال عمرو: أنا أميركم وإنما أنتم مددي، فقال أبو عبيدة بل أنا أمير من معي وأنت أمير من معك، فأبى عمرو ذلك، فقال أبو عبيدة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إلى، فقال: إذا قدمت إلى عمرو، فتطاوعا ولا تختلفا، فإن خالفتني أطعتك، قال عمرو: فإني أخالفك، فسلم إليه أبو عبيدة وصلى خلفه في الجيش كله، وكان أميرا عليهم وكانوا خمسمائة.
[ولايات عمرو في عهد الرسول والخلفاء] قال أبو عمر: ثم ولاه رسول الله صلى الله عليه وآله عمان، فلم يزل عليها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، وعمل لعمر وعثمان ومعاوية، وكان عمر بن الخطاب ولاه بعد موت يزيد بن أبي سفيان فلسطين والأردن، وولى معاوية دمشق وبعلبك والبلقاء، وولى سعيد بن عامر بن خذيم حمص. ثم جمع الشام كلها لمعاوية، وكتب إلى عمرو بن العاص أن يسير إلى مصر، فسار إليها فافتتحها، فلم يزل عليها واليا حتى مات عمر فأمره عثمان عليها أربع سنين ونحوها، ثم عزله عنها وولاها عبد الله بن سعد العامري (1).
قال أبو عمر: ثم إن عمرو بن العاص ادعى على أهل الإسكندرية أنهم قد نقضوا العهد الذي كان عاهدهم، فعمد إليها فحارب أهلها وافتتحها، وقتل المقاتلة وسبى الذرية، فنقم ذلك عليه عثمان، ولم يصح عنده نقضهم العهد، فأمر برد السبي الذي سبوا من القرى إلى مواضعهم، وعزل عمرا عن مصر، وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري