مصر بدله، فكان ذلك بدو الشر بين عمرو بن العاص وعثمان بن عفان، فلما بدا بينهما من الشر ما بدا، اعتزل عمرو في ناحية فلسطين بأهله، وكان يأتي المدينة أحيانا، فلما استقر الامر لمعاوية بالشام، بعثه إلى مصر بعد تحكيم الحكمين فافتتحها، فلم يزل بها إلى أن مات أميرا عليها، في سنة ثلاث وأربعين، وقيل سنة اثنتين وأربعين، وقيل سنة ثمان وأربعين، وقيل سنة إحدى وخمسين.
قال أبو عمر: والصحيح أنه مات في سنة ثلاث وأربعين، ومات يوم عيد الفطر من هذه السنة وعمره تسعون سنة، ودفن بالمقطم من ناحية السفح، وصلى عليه ابنه عبد الله، ثم رجع فصلى بالناس صلاة العيد، فولاه معاوية مكانه، ثم عزله وولى مكانه أخاه عتبة بن أبي سفيان.
قال أبو عمر: وكان عمرو بن العاص من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية، مذكورا فيهم بذلك، وكان شاعرا حسن الشعر، وأحد الدهاة المتقدمين في الرأي والذكاء، وكان عمر بن الخطاب إذا استضعف رجلا في رأيه وعقله، قال: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد. يريد خالق الأضداد (1).
* * * [نبذ من كلام عمرو بن العاص] ونقلت أنا من كتب متفرقة كلمات حكمية تنسب إلى عمرو بن العاص، استحسنتها وأوردتها، لأني لا أجحد لفاضل فضله، إن كان دينه عندي غير مرضى.
فمن كلامه: ثلاث لا أملهن: جليسي ما فهم عنى، وثوبي ما سترني، ودابتي ما حملت رحلي.