ثم قال: (بين أطوار الموتات)، وهذا في ظاهره متناقض، لأنه نفى الموت مطلقا، ثم قال: (بين أطوار الموتات)، والجواب أنه أراد بالموتات الآلام العظيمة فسماها موتات، لان العرب تسمى المشقة العظيمة موتا، كما قال.
* إنما الميت ميت الاحياء (1).
ويقولون: الفقر الموت الأحمر، واستعمالهم مثل ذلك كثير جدا.
ثم قال: (إنا بالله عائذون)، عذت بفلان واستعذت به، أي التجأت إليه.
[فصل في ذكر القبر وسؤال منكر ونكير] واعلم أن لقاضي القضاة في كتاب طبقات المعتزلة في باب (القبر وسؤال منكر ونكير) كلاما أنا أورد هاهنا بعضه، قال رحمه الله تعالى:
إن عذاب القبر إنما أنكره ضرار بن عمرو، ولما كان ضرار من أصحاب واصل بن عطاء، ظن كثير من الناس أن ذلك مما أنكرته المعتزلة، وليس الامر كذلك، بل المعتزلة رجلان: أحدهما يجوز عذاب القبر، ولا يقطع به، وهم الأقلون، والاخر يقطع على ذلك، وهم أكثر أصحابنا لظهور الأخبار الواردة فيه، وإنما تنكر المعتزلة قول طائفة من الجهلة إنهم يعذبون وهم موتى، لان العقل يمنع من ذلك، وإذا كان الانسان مع قرب العهد بموتة، ولما يدفن يعلمون أنه لا يسمع ولا يبصر ولا يدرك، ولا يألم ولا يلتذ، فكيف يجوز عليه ذلك وهو ميت في قبره! وما روى من أن الموتى يسمعون لا يصح إلا أن يراد به أن الله تعالى أحياهم، وقوى حاسة سمعهم، فسمعوا وهم أحياء.