قال إبراهيم: فلما بلغ عليا موت الأشتر، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! والحمد لله رب العالمين! اللهم إني أحتسبه عندك، فإن موته من مصائب الدهر. ثم قال: رحم الله مالكا، فلقد وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقى ربه، مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها من أعظم المصيبات.
* * * قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن هشام المرادي، عن جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة الضبي، قال: لم يزل أمر على شديد حتى مات الأشتر، وكان الأشتر بالكوفة أسود من الأحنف بالبصرة.
قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن عبد الله، عن ابن أبي سيف المدائني، عن جماعة من أشياخ النخع، قالوا: دخلنا على أمير المؤمنين حين بلغه موت الأشتر، فوجدناه يتلهف ويتأسف عليه، ثم قال: لله در مالك! وما مالك! لو كان من جبل لكان فندا (1) ولو كان من حجر لكان صلدا، أما والله ليهدن موتك عالما، وليفرحن عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي! وهل موجود كمالك!
قال علقمة بن قيس النخعي: فما زال على يتلهف ويتأسف، حتى ظننا أنه المصاب به دوننا، وعرف ذلك في وجهه أياما.
قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن عبد الله، عن المدائني، قال: حدثنا مولى للأشتر، قال:
لما هلك الأشتر أصيب في ثقله رسالة على إلى أهل مصر:
من عبد الله أمير المؤمنين إلى النفر من المسلمين الذين غضبوا لله إذ عصى في الأرض، وضرب الجور برواقه على البر والفاجر، فلا حق يستراح إليه، ولا منكر يتناهى عنه. سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.
* (هامش) (1) الفند: الجبل العظيم.