قال: فقمت فقعدت إلى جانبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث، فقرع يدي، وقال: ليست ساعة حديث. قال: فأظهرت غضبا، وقلت: يا بن عباس، إن ثقتك بأحلامنا أسرعت بك إلى أعراضنا، وقد والله تقدم من قبل العذر، وكثر منا الصبر، ثم أقذعته فجاش لي مرجله وارتفعت أصواتنا، فجاء القوم فأخذوا بأيدينا فنحوه عنى ونحوني عنه، فجئت فقربت من عمرو بن العاص، فرماني بمؤخر عينيه أي:
ما صنعت؟ فقلت: كفيتك التقوالة، فحمحم كما يحمحم الفرس للشعير. قال: وفات ابن عباس أول الكلام، فكره أن يتكلم في آخره.
وقد ذكرنا نحن هذا الخبر فيما تقدم في أخبار صفين على وجه آخر غير هذا الوجه.
* * * [عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص في الحبشة] فأما خبر عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي، أخي خالد بن الوليد مع عمرو بن العاص فقد ذكره ابن إسحاق في كتاب المغازي قال:
كان عمارة بن الوليد بن المغيرة وعمرو بن العاص بن وائل، بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله، خرجا إلى أرض الحبشة على شركهما، وكلاهما كان شاعرا عارما فاتكا.
وكان عمارة بن الوليد رجلا جميلا وسيما تهواه النساء، صاحب محادثة لهن. فركبا البحر ومع عمرو بن العاص امرأته، حتى إذا صاروا في البحر ليالي أصابا من خمر معهما، فلما انتشى عمارة قال لامرأة عمرو بن العاص: قبليني، فقال لها عمرو: قبلي ابن عمك، فقبلته فهويها عمارة، وجعل يراودها عن نفسها، فامتنعت منه. ثم إن عمرا جلس على منجاف (1)