فقال معاوية: هل عندك شئ غير هذا نعمله فيما بيننا وبينهم قبل هذا؟
قال: ما أعلمه.
قال معاوية: فإن رأيي غير هذا، أرى أن نكاتب من كان بها من شيعتنا، ومن كان بها من عدونا، فأما شيعتنا فنأمرهم بالثبات على أمرهم نمنيهم قدومنا عليهم، وأما من كان بها من عدونا فندعوهم إلى صلحنا، ونمنيهم شكرنا، ونخوفهم حربنا، فإن صلح لنا ما قبلهم، من غير حرب ولا قتال فذلك ما أحببنا، وإلا فحربهم من وراء ذلك.
إنك يا بن العاص لامرؤ (1) بورك لك في العجلة، وبورك لي في التؤدة.
قال عمرو: فاعمل بما أراك الله، فوالله ما أرى أمرك وأمرهم يصير إلا إلى الحرب.
قال: فكتب معاوية عند ذلك إلى مسلمة بن مخلد الأنصاري، وإلى معاوية بن حديج الكندي، وكانا قد خالفا عليا:
أما بعد، فإن الله عز وجل قد ابتعثكما لأمر عظيم، أعظم به أجركما ورفع درجتكما ومرتبتكما في المسلمين. طلبتما بدم الخليفة المظلوم، وغضبتما لله، إذ ترك حكم الكتاب، وجاهدتما أهل الظلم والعدوان، فأبشرا برضوان الله، وعاجل نصرة أولياء الله، والمواساة لكما في دار الدنيا وسلطاننا، حتى ينتهى ذلك إلى ما يرضيكما، ويؤدى (2) به حقكما. فالزما أمركما، وجاهدا عدوكما، وادعوا المدبرين منكما إلى هداكما فكأن الجيش قد أظل عليكما، فاندفع كل ما تكرهان، ودام كل ما تهويان، والسلام عليكما ورحمة الله.
وبعث بالكتاب مع مولى له يقال له سبيع، فخرج بكتابه حتى قدم به عليهما بمصر،