قال إبراهيم: حدثني أبو غسان، قال: أخبرني علي بن أبي سيف، قال: كان قيس بن سعد مع أبي بكر وعمر في سفر في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان ينفق عليهما وعلى غيرهما ويفضل. فقال له أبو بكر: إن هذا لا يقوم به مال أبيك، فأمسك يدك، فلما قدموا من سفرهم، قال سعد بن عبادة لأبي بكر: أردت أن تبخل ابني، إنا لقوم لا نستطيع البخل.
قال: وكان قيس بن سعد يقول في دعائه: اللهم ارزقني حمدا ومجدا وشكرا، فإنه لا حمد إلا بفعال، ولا مجد إلا بمال. اللهم وسع على فإن القليل لا يسعني ولا أسعه.
* * * [ولاية محمد بن أبي بكر على مصر وأخبار مقتله] قال إبراهيم: وكان عهد على إلى محمد بن أبي بكر الذي قرئ بمصر:
هذا ما عهد عبد الله على أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر، أمره بتقوى الله في السر والعلانية، وخوف الله تعالى في المغيب والمشهد، وأمره باللين على المسلم، والغلظ على الفاجر، وبالعدل على أهل الذمة وبالإنصاف للمظلوم، وبالشدة على الظالم، وبالعفو عن الناس، وبالإحسان ما استطاع، والله يجزى المحسنين. وأمره أن يدعو من قبله إلى الطاعة والجماعة، فإن لهم في ذلك من العاقبة وعظم المثوبة ما لا يقدر قدره ولا يعرف كنهه وأمره أن يجبى خراج الأرض على ما كانت تجبى عليه من قبل ولا ينتقص ولا يبتدع، ثم يقسمه بين أهله كما كانوا يقسمونه عليه من قبل، وأن تكن لهم حاجة، يواسى بينهم في مجلسه ووجهه، ليكون القريب والبعيد عنده على سواء. وأمره أن يحكم بين الناس بالحق، وأن يقوم بالقسط، ولا يتبع الهوى، ولا يخاف [في الله] (1) لومة لائم، فإن الله مع من اتقاه وآثر طاعته على من سواه.