ويفتى به ويقضى بقضاياه وأحكامه هو عهد علي عليه السلام إلى الأشتر، فإنه نسيج وحده، ومنه تعلم الناس الآداب والقضايا والاحكام والسياسة، وهذا العهد صار إلى معاوية لما سم الأشتر ومات قبل وصوله إلى مصر، فكان ينظر فيه ويعجب منه، وحقيق من مثله أن يقتنى في خزائن الملوك.
قال إبراهيم: فلما بلغ عليا عليه السلام أن ذلك الكتاب صار إلى معاوية، اشتد عليه حزنا، وحدثني بكر بن بكار، عن قيس بن الربيع، عن ميسرة بن حبيب، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: صلى بنا علي عليه السلام، فلما انصرف قال:
لقد عثرت عثرة لا أعتذر * سوف أكيس بعدها وأستمر * وأجمع الامر الشتيت المنتشر * فقلنا: ما بالك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إني استعملت محمد بن أبي بكر على مصر، فكتب إلى أنه لا علم لي بالسنة، فكتبت إليه كتابا فيه أدب وسنة، فقتل وأخذ الكتاب.
* * * قال إبراهيم: فحدثني عبد الله محمد، عن ابن أبي سيف المدائني، قال: فلم يلبث محمد بن أبي بكر شهرا كاملا حتى بعث إلى أولئك المعتزلين الذين كان قيس بن سعد موادعا لهم، فقال: يا هؤلاء، إما أن تدخلوا في طاعتنا، وإما أن تخرجوا من بلادنا. فبعثوا إليه:
إنا لا نفعل، فدعنا حتى ننظر إلى ما يصير إليه أمر الناس، فلا تعجل علينا. فأبى عليهم، فامتنعوا منه وأخذوا حذرهم. ثم كانت وقعه صفين، وهم لمحمد هائبون، فلما أتاهم خبر معاوية وأهل الشام، ثم صار الامر إلى الحكومة، وأن عليا وأهل العراق قد قفلوا عن معاوية والشام إلى عراقهم اجترأوا على محمد بن أبي بكر، وأظهروا المنابذة له، فلما رأى محمد ذلك بعث إليهم ابن جمهان البلوى، ومعه يزيد بن الحارث الكناني فقاتلاهم،