قال نصر: وكان علي عليه السلام لا يعدل بربيعة أحدا من الناس، فشق ذلك على مضر، وأظهروا لهم القبيح وأبدوا ذات أنفسهم، فقال الحضين بن المنذر الرقاشي شعرا أغضبهم به، من جملته (1):
أرى مضرا صارت ربيعة دونها * شعار أمير المؤمنين، وذا الفضل فأبدوا لنا مما تجن صدورهم * هو السوء والبغضاء والحقد والغل (2) فأبلوا بلانا أو أقروا بفضلنا * ولن تلحقونا الدهر ما حنت الإبل فقام أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني، وعمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي، وقبيصة بن جابر الأسدي، وعبد الله بن الطفيل العامري، في وجوه قبائلهم، فأتوا عليا عليه السلام، فتكلم أبو الطفيل، فقال: إنا والله يا أمير المؤمنين ما نحسد (3) قوما خصهم الله منك بخير، وإن هذا الحي من ربيعة، قد ظنوا أنهم أولى بك منا فأعفهم عن القتال أياما، واجعل لكل امرئ منا يوما يقاتل فيه، فإنا إذا اجتمعنا اشتبه عليك بلاؤنا فقال علي عليه السلام: نعم أعطيكم ما طلبتم، وأمر ربيعة أن تكف عن القتال، وكانت بإزاء اليمن من صفوف أهل الشام، فغدا أبو الطفيل عامر بن واثلة في قومه من كنانة، وهم جماعة عظيمة فتقدم إمام الخيل، ويقول: طاعنوا وضاربوا ثم حمل وارتجز، فقال:
قد ضاربت في حربها كنانه (4) * والله يجزيها به جنانه من أفرغ الصبر عليه زانه * أو غلب الجبن عليه شانه أو كفر الله فقد أهانه * غدا يعض من عصى بنانه