رحيما، أكرم خلق الله حسبا، وأجملهم (١) منظرا، وأسخاهم نفسا، وأبرهم لوالد، وأوصلهم لرحم، وأفضلهم علما، وأثقلهم حلما، وأوفاهم لعهد، وآمنهم على عقد، لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط، بل كان يظلم فيغفر، ويقدر فيصفح حتى مضى صلى الله عليه وسلم مطيعا لله صابرا على ما أصابه، مجاهدا في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلم، فكان ذهابه أعظم المصيبة على أهل الأرض: البر والفاجر، ثم ترك فيكم كتاب الله يأمركم بطاعة الله، وينهاكم عن معصيته، وقد عهد إلى رسول الله عهدا فلست أحيد عنه، وقد حضرتم عدوكم، وعلمتم أن (٢) رئيسهم منافق، يدعوهم إلى النار، وابن عم نبيكم معكم، وبين أظهركم، يدعوكم إلى الجنة وإلى طاعة ربكم، والعمل بسنة نبيكم، ولا سواء من صلى قبل كل ذكر، لم يسبقني بصلاة مع رسول الله أحد، وأنا من أهل بدر، ومعاوية طليق [وابن طليق] (٣). والله إنا على الحق وإنهم على الباطل، فلا (٤ يجتمعن على باطلهم وتتفرقوا عن حقكم ٤) حتى يغلب باطلهم حقكم، ﴿قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم﴾ (5)، فإن لم تفعلوا يعذبهم بأيدي غيركم.
فقام (6) أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انهض بنا إلى عدونا وعدوك إذا شئت، فوالله ما نريد بك بدلا، بل نموت معك، ونحيا معك. فقال لهم: والذي نفسي بيده، لنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أضرب بين (7) يديه بسيفي هذا، فقال: (لا سيف إلا ذا الفقار ولا فتى إلا على)، وقال لي: (يا علي أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي،