قال نصر: فحدثني عمرو قال: لما أصبح علي عليه السلام، هذا اليوم، جاء فوقف بين رايات ربيعة، فقال عتاب بن لقيط البكري، من بنى قيس بن ثعلبة: يا معشر ربيعة، حاموا عن علي منذ اليوم، فإن أصيب فيكم افتضحتم، ألا ترونه قائما تحت راياتكم! وقال لهم شقيق بن ثور: يا معشر ربيعة، ليس لكم عذر عند العرب إن وصل إلى علي وفيكم رجل حي. فامنعوه اليوم، واصدقوا عدوكم اللقاء، فإنه حمد الحياة تكسبونه. فتعاهدت ربيعة وتحالفت بالايمان العظيمة منها، تبايع سبعة آلاف على ألا ينظر رجل منهم خلفه، حتى يردوا سرادق معاوية، فقاتلوا ذلك اليوم قتالا شديدا لم يكن قبله مثله، وأقبلوا نحو سرادق معاوية، فلما نظر إليهم قد أقبلوا قال:
إذا قلت قد ولت ربيعة أقبلت كتائب منها كالجبال تجالد ثم قال لعمرو: يا عمرو، ما ترى؟ قال: أرى ألا تحنث أخوالي اليوم. فقام معاوية وخلى لهم سرادقه ورحله وخرج فارا عنه، لائذا ببعض مضارب العسكر (1) في أخريات الناس، فدخله وانتهبت ربيعة سرادقه ورحله، وبعث إلى خالد بن المعمر: إنك قد ظفرت، ولك إمرة خراسان إن لم تتم. فقطع خالد القتال ولم يتمه، وقال لربيعة: قد برت أيمانكم، فحسبكم، فلما كان عام الجماعة، وبايع الناس معاوية، أمره معاوية على خراسان، وبعثه إليها، فمات قبل أن يبلغها (2).
قال نصر: في حديث عمرو بن سعد: إن عليا عليه السلام صلى بهم هذا اليوم صلاة الغداة، ثم زحف بهم، فلما أبصروه قد خرج استقبلوه بزحوفهم، فاقتتلوا قتالا شديدا.
ثم إن خيل أهل الشام حملت على خيل أهل العراق، فاقتطعوا من أصحاب علي عليه السلام ألف رجل أو أكثر، فأحاطوا بهم وحالوا بينهم وبين أصحابهم فلم يروهم، فنادى