يا أبتاه، أتأمرني أن أخرج فأقاتل، وقد سمعت ما سمعت يوم عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عهد! فقال: أنشدك الله يا عبد الله، ألم يكن آخر ما عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخذ بيدك فوضعها في يدي، فقال: أطع أباك! فقال: اللهم بلى، قال: فإني أعزم عليك أن تخرج فتقاتل، فخرج عبد الله بن عمرو فقاتل يومئذ متقلدا سيفين. وقال: إن من شعر عبد الله بن عمرو بعد ذلك يذكر عليا بصفين:
فلو شهدت جمل مقامي ومشهدي * بصفين يوما شاب منها الذوائب عشية جا أهل العراق كأنهم * سحاب ربيع رفعته الجنائب إذا قلت قد ولت سراعا بدت لنا * كتائب منهم وارحجنت كتائب وجئناهم فرادى كأن صفوفنا * من البحر مد موجه متراكب (1) فدارت رحانا واستدارت رحاهم * سراة النهار ما تولى المناكب فقالوا لنا: إنا نرى أن تبايعوا * فقلنا بلى إنا نرى أن تضاربوا وروى ابن ديزيل، عن يحيى بن سليمان الجعفي، قال: حدثنا مسهر بن عبد الملك ابن سلع الهمداني، قال: حدثني أبي عن عبد خير الهمداني، قال: كنت أنا وعبد خير في سفر، قلت: يا أبا عمارة، حدثني عن بعض ما كنتم فيه بصفين، فقال لي: يا بن أخي، وما سؤالك؟ فقلت: أحببت أن أسمع منك شيئا، فقال: يا بن أخي، إنا كنا لنصلي الفجر، فنصف ويصف أهل الشام، ونشرع الرماح إليهم ويشرعون بها نحونا، أما لو دخلت تحتها لأظلتك، والله يا بن أخي، إن كنا لنقف ويقفون في الحرب لا نفتر ولا يفترون، حتى نصلى