قال نصر: وكانت التعبية في هذا اليوم كالتعبية في الذي قبله، وحمل عبيد الله بن عمر في قراء أهل الشام، ومعه ذو الكلاع في حمير على ربيعة، وهي في ميسرة علي عليه السلام، فقاتلوا قتالا شديدا، فأتى زياد بن خصفة إلى عبد القيس، فقال لهم: لا بكر بن وائل بعد اليوم! إن ذا الكلاع وعبيد الله أبادا ربيعة فانهضوا لهم، وإلا هلكوا، فركبت عبد القيس، وجاءت كأنها غمامة سوداء فشدت أزر الميسرة، فعظم القتال، فقتل ذو الكلاع الحميري، قتله رجل من بكر بن وائل، اسمه خندف، وتضعضعت أركان حمير، وثبتت بعد قتل ذي الكلاع تحارب مع عبيد الله بن عمر، وأرسل عبيد الله إلى الحسن بن علي عليه السلام: إن لي إليك حاجة فالقني، فلقيه الحسن عليه السلام، فقال له عبيد الله: إن أباك قد وتر قريشا أولا وآخرا، وقد شنئه الناس، فهل لك في خلعه وأن تتولى أنت هذا الامر! فقال: كلا والله، لا يكون ذلك ثم قال: يا بن الخطاب، والله لكأني أنظر إليك مقتولا في يومك أو غدك. أما إن الشيطان قد زين لك وخدعك، حتى أخرجك مخلقا بالخلوق، ترى نساء أهل الشام موقفك، وسيصرعك الله، ويبطحك لوجهك قتيلا.
قال نصر: فوالله ما كان إلا بياض ذلك اليوم حتى قتل عبيد الله، وهو في كتيبة رقطاء، وكانت تدعى الخضرية، كانوا أربعة آلاف، عليهم ثياب خضر، فمر الحسن عليه السلام، فإذا رجل متوسد برجل قتيل، قد ركز رمحه في عينه، وربط فرسه برجله، فقال الحسن عليه السلام لمن معه: انظروا من هذا؟ فإذا رجل من همدان، وإذا القتيل عبيد الله بن عمر بن الخطاب، قد قتله الهمداني في أول الليل، وبات عليه حتى أصبح.
قال نصر: وقد اختلف الرواة في قاتل عبيد الله، فقالت همدان: نحن قتلناه، قتله هانئ بن الخطاب الهمداني، وركز رمحه في عينه، وذكر الحديث. وقالت حضر موت:
نحن قتلناه، قتله مالك بن عمرو الحضرمي. وقالت بكر بن وائل: نحن قتلناه، قتله محرز