فاقتتلا بين الصفين قتالا شديدا. ثم إن العراقي اعتنقه فوقعا جميعا، وغار الفرسان. ثم إن العراقي قهره، فجلس على صدره، وكشف المغفر عنه، يريد ذبحه، فإذا هو أخوه لأبيه وأمه، فصاح به أصحاب علي عليه السلام: ويحك أجهز عليه! قال: إنه أخي، قالوا:
فاتركه، قال: لا والله حتى يأذن أمير المؤمنين، فأخبر علي عليه السلام بذلك، فأرسل إليه أن دعه، فتركه فقام فعاد إلى صف معاوية (1).
قال نصر: وحدثنا محمد بن عبيد الله، عن الجرجاني، قال: كان فارس معاوية الذي يعده لكل مبارز ولكل عظيم، حريث مولاه، وكان يلبس سلاح معاوية متشبها به فإذا قاتل قال الناس: ذاك معاوية. وإن معاوية دعاه، فقال له: يا حريث، اتق عليا وضع رمحك حيث شئت. فأتاه عمرو بن العاص، فقال: يا حريث، إنك والله لو كنت قرشيا لأحب لك معاوية أن تقتل عليا، ولكن كره أن يكون لك حظها، فإن رأيت فرصه فاقتحم. قال: وخرج علي عليه السلام في هذا اليوم أمام الخيل، فحمل عليه حريث (2).
قال نصر: فحدثني عمرو بن شمر، عن جابر، قال: برز حريث مولى معاوية هذا اليوم، وكان شديدا أيدا (3) ذا بأس لا يرام، فصاح: يا علي، هل لك في المبارزة؟ فأقدم أبا حسن إن شئت، فأقبل علي عليه السلام، وهو يقول:
أنا علي وابن عبد المطلب * نحن لعمر الله أولى بالكتب