قال نصر: ثم خرج رجل من عسكر الشام من أزد شنوءة، يسأل المبارزة، فخرج إليه رجل من أهل العراق، فقتله الأزدي، فخرج إليه الأشتر، فما ألبثه أن قتله، فقال قائل:
كان هذا ريحا فصارت إعصارا.
قال نصر: وقال رجل من أصحاب علي عليه السلام: أما والله لأحملن على معاوية حتى أقتله، فركب فرسا، ثم ضربه حتى قام على سنابكه، ثم دفعه فلم ينهنهه شئ عن الوقوف على رأس معاوية، فهرب معاوية، ودخل خباء فنزل الرجل عن فرسه ودخل عليه، فخرج معاوية من جانب الخباء الآخر، فخرج الرجل في أثره، فاستصرخ معاوية بالناس، فأحاطوا به وحالوا بينهما، فقال معاوية: ويحكم! إن السيوف لم يؤذن لها في هذا، ولولا ذلك لم يصل إليكم، فعليكم بالحجارة فرضخوه بالحجارة حتى همد. فعاد معاوية إلى مجلسه.
قال نصر: وحمل رجل من أصحاب علي عليه السلام يدعى أبا أيوب - وليس بأبي أيوب الأنصاري - على صف أهل الشام، ثم رجع فوافق رجلا من أهل الشام صادرا، قد حمل على صف أهل العراق، ثم رجع فاختلفا ضربتين، فنفحه أبو أيوب بالسيف، فأبان عنقه، فثبت رأسه على جسده كما هو، وكذب الناس أن يكون هو ضربه، فأرابهم ذلك، حتى إذا أدخلته فرسه في صف أهل الشام ندر رأسه، ووقع ميتا، فقال علي عليه السلام: والله لأنا من ثبات رأس الرجل أشد تعجبا من الضربة، وإن كان إليها ينتهى وصف الواصفين (1).
وجاء أبو أيوب فوقف بين يدي علي عليه السلام، فقال له: أنت والله كما قال الشاعر:
وعلمنا الضرب آباؤنا * ونحن نعلم أيضا بنينا قال نصر: فلما انقضى هذا اليوم بما فيه: أصبحوا في اليوم الثامن من صفين (2)، والفيلقان متقابلان، فخرج رجل من أهل الشام فسأل المبارزة، فخرج إليه رجل من أهل العراق،