شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٩٩
قال: ثم إن أهل الشام دنوا منه يريدونه، والله ما يزيده قربهم منه ودنوهم إليه سرعة في مشيته، فقال له الحسن: ما ضرك لو أسرعت حتى تنتهي إلى الذين صبروا لعدوك من أصحابك؟ قال: يعنى ربيعة الميسرة - فقال: على: يا بنى إن لأبيك يوما لن يعدوه ولا يبطئ به عند السعي، ولا يقربه إليه الوقوف، إن أباك لا يبالي (1)، إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه (2).
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي إسحاق قال: خرج علي عليه السلام يوما من أيام صفين، وفى يده عنزة (3)، فمر على سعيد بن قيس الهمداني، فقال له سعيد: أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد وأنت قرب عدوك؟ فقال علي عليه السلام: إنه ليس من أحد إلا وعليه من الله حفظة يحفظونه من أن يتردى في قليب (4)، أو يخر عليه حائط، أو تصيبه آفة، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه.
قال نصر: وحدثنا عمرو، عن فضيل بن خديج، قال: لما انهزمت ميمنة العراق يومئذ أقبل علي عليه السلام نحو الميسرة يركض، يستثيب (5) الناس ويستوقفهم، ويأمرهم بالرجوع نحو الفزع، فمر بالأشتر، فقال: يا مالك، قال: لبيك يا أمير المؤمنين!
قال: ائت هؤلاء القوم، فقل لهم: أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه، إلى الحياة التي لا تبقى لكم! فمضى الأشتر، فاستقبل الناس منهزمين، فقال لهم الكلمات، وناداهم:
إلى أيها الناس، أنا مالك بن الحارث، يكررها، فلم يلو أحد منهم عليه، وظن أن

(1) صفين: (ما يبالي وقع عليه الموت).
(2) صفين 281، 282.
(3) العنزة: رمح صغير في أسفله زج.
(4) القليب: البئر العادية القديمة.
(5) يستثيب الناس: يسترجعهم.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175