الذين يحفون برايتكم ويكتنفونها (1)، يضربون خلفها وأمامها، ولا تضيعوها. أجزأ كل امرئ [وقذ (2)] قرنه، وواسى أخاه بنفسه، ولم يكل قرنه إلى أخيه، فيجمع عليه قرنه وقرن أخيه، فيكسب بذلك من الاثم (3)، ويأتي به دناءة، أنى هذا، وكيف يكون هكذا! (4) هذا يقاتل اثنين، وهذا ممسك يده، قد خلى قرنه إلى أخيه، هاربا منه، أو قائما ينظر إليه! من يفعل هذا يمقته الله، فلا تعرضوا لمقت الله، فإنما مردكم إلى الله، قال الله تعالى لقوم عابهم: (لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا)، وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة، استعينوا بالصدق والصبر، فإنه بعد الصبر ينزل النصر (5).
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن الشعبي، عن مالك بن قدامة الأرحبي، قال: قام سعيد بن قيس يخطب أصحابه بقناصرين (6) فقال: الحمد لله الذي هدانا لدينه، وأورثنا كتابه، وامتن علينا بنبيه، فجعله رحمة للعالمين، وسيدا للمرسلين، وقائدا للمؤمنين، وخاتما للنبيين، وحجه الله العظيم على الماضين والغابرين، ثم كان فيما قضى الله وقدره - وله الحمد على ما أحببنا وكرهنا - أن ضمنا وعدونا بقناصرين، فلا يجمل بنا اليوم الحياص (7) وليس هذا بأوان انصراف، ولات حين مناص، وقد خصنا الله منه برحمة لا نستطيع أداء شكرها، ولا نقدر قدرها، إن أصحاب محمد المصطفين الأخيار معنا،