شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٢٠٣
قال: فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي، والأشتر مقنع في الحديد فلم يعرفه، فدنا منه، وقال له: جزاك الله منذ اليوم عن أمير المؤمنين وعن جماعة المسلمين خيرا. فعرفه الأشتر فقال: يا بن جمهان، أمثلك يتخلف اليوم عن مثل موطني هذا! فتأمله ابن جمهان فعرفه - وكان الأشتر من أعظم الرجال وأطولهم، إلا أن في لحمه خفة قليلة - فقال له: جعلت فداك! لا والله ما علمت مكانك حتى الساعة ولا والله لا أفارقك حتى أموت.
قال نصر: وحدثنا عمرو، عن الحارث بن الصباح، قال: رأى الأشتر يومئذ منقذا وحميرا ابني قيس اليقظيان (1) فقال منقذ لحمير: ما في العرب رجل مثل هذا، إن كان ما أرى من قتاله على نية (2)! فقال له حمير: وهل النية إلا ما ترى! قال: إني أخاف أن يكون يحاول ملكا (3).
قال نصر: وحدثنا عمرو، عن فضيل بن خديج، عن مولى الأشتر قال: لما اجتمع مع الأشتر عظم من كان انهزم من الميمنة، حرضهم، فقال لهم: عضوا (5 على النواجذ من الأضراس، واستقبلوا القوم بهامكم، فإن الفرار من الزحف [فيه] ذهاب العز، والغلبة على الفئ، وذل المحيا والممات، وعار الدنيا والآخرة 5).

(1) الطبري: (الناعطيان).
(2) صفين: (على نيته).
(3) صفين 287، 288، الطبري 6: 12 (4) من صفين (5 - 5) الخطبة كما وردت في تاريخ الطبري: (عضوا على النواجذ من الأضراس، واستقبلوا القوم بهامكم، وشدوا شدة قوم موتورين، ثأرا بآبائهم وإخوانهم حناقا على عدوهم، قد وطنوا على الموت أنفسهم، كيلا يسبقوا بواتر، ولا يلحقوا في الدنيا عارا، وأيم الله ما وتر قوم قط بشئ أشد عليهم من أن يوترا دينهم، وإن هؤلاء القوم لا يقاتلونكم إلا عن دينكم ليميتوا السنة، ويحيوا البدعة، ويعيدوكم في ضلالة قد أخرجكم الله عز وجل منها بحسن البصيرة، فطيبوا عباد الله أنفسا بدمائكم، دون دينكم، فإن ثوابكم على الله، والله عنده جنات النعيم، وإن الفرار من الزحف فيه السلب للعز والغلبة على الفئ، وذل المحيا والممات، وعار الدنيا والآخرة).
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175