ثانية، فبرز إليه الحكم بن أزهر من أهل العراق، فقتله حجر الشر فخرج إليه رفاعة ابن ظالم الحميري، من صف العراق فقتله، وعاد إلى أصحابه يقول: الحمد لله الذي قتل حجر الشر بالحكم بن أزهر.
ثم إن عليا عليه السلام دعا أصحابه إلى أن يذهب واحد منهم بمصحف كان في يده إلى أهل الشام، فقال: من يذهب إليهم، فيدعوهم إلى ما في هذا المصحف؟ فسكت الناس، وأقبل فتى اسمه سعيد، فقال: أنا صاحبه، فأعاد القول ثانية، فسكت الناس، وتقدم الفتى، فقال: أنا صاحبه، فسلمه إليه فقبضه بيده، ثم أتاهم فأنشدهم (1) الله، ودعاهم إلى ما فيه فقتلوه، فقال علي عليه السلام لعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي: احمل عليهم الآن.
فحمل عليهم بمن معه من أهل الميمنة، وعليه يومئذ سيفان ودرعان، فجعل يضرب بسيفه قدما، ويقول:
لم يبق غير الصبر والتوكل * والترس والرمح وسيف مقصل (2) ثم التمشي في الرعيل الأول * مشى الجمال في حياض المنهل (3) فلم يزل يحمل حتى انتهى إلى معاوية، والذين بايعوه إلى الموت، فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل، وبعث إلى حبيب بن مسلمة الفهري، وهو في الميسرة أن يحمل عليه بجميع من معه، واختلط الناس، واضطرم الفيلقان، ميمنة أهل العراق وميسرة أهل الشام، وأقبل عبد الله بن بديل يضرب الناس بسيفه قدما، حتى أزال معاوية عن موقفه وجعل ينادى: يا ثارات عثمان! وإنما يعنى أخا له قد قتل، وظن معاوية وأصحابه أنه يعنى عثمان بن عفان، وتراجع معاوية عن مكانه القهقرى كثيرا وأشفق على نفسه، وأرسل إلى حبيب بن مسلمة مرة ثانية، وثالثة، يستنجده ويستصرخه، ويحمل حبيب حملة