فلا عذر يسمع من إيقاع نهاية المكروه بمن روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه:
(عمار جلدة ما بين العين والأنف ومتى تنكأ الجلدة يدم الانف). وروى أنه قال عليه السلام (ما لهم ولعمار! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار). روى العوام بن حوشب عن سلمة بن كهيل عن علقمة عن خالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (من عادى عمارا عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله)، وأي كلام غليظ سمعه عثمان من عمار يستحق به ذلك المكروه العظيم الذي يجاوز مقدار ما فرضه الله تعالى في الحدود! وإنما كان عمار وغيره أثبتوا عليه أحداثه ومعايبه أحيانا على ما يظهر من سيئ أفعاله. وقد كان يجب عليه أحد أمرين: إما أن ينزع عما يواقف عليه من تلك الأفعال ، أو يبين من عذره عنها وبراءته منها ما يظهر ويشتهر، فإن أقام مقيم بعد ذلك على توبيخه وتفسيقه زجره عن ذلك بوعظ أو غيره، ولا يقدم على ما يفعله الجبابرة والأكاسرة من شفاء الغيظ بغير ما أنزل الله تعالى وحكم به.
* * * الطعن التاسع:
إقدامه على أبي ذر مع تقدمه في الاسلام، حتى سيره إلى الربذة ونفاه، وقيل:
إنه ضربه.
قال قاضى القضاة في الجواب عن ذلك: إن شيخنا أبا على رحمه الله تعالى قال: إن الناس اختلفوا في أمر أبي ذر رحمه الله تعالى. وروى أنه قيل لأبي ذر: عثمان أنزلك الربذة؟ فقال: لا، بل اخترت لنفسي ذلك.
وروى أن معاوية كتب يشكوه وهو بالشام، فكتب عثمان إليه أن صر إلى المدينة، فلما صار إليها قال: ما أخرجك إلى الشام؟ قال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه