شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٣٦
وصك (1) بذلك على عبد الله بن الأرقم - وكان خازن بيت المال - فاستكثره ورد الصك به. ويقال: إنه سأل عثمان أن يكتب عليه بذلك كتابا، فأبى وامتنع ابن الأرقم أن يدفع المال إلى القوم، فقال له عثمان: إنما أنت خازن لنا، فما حملك على ما فعلت؟ فقال ابن الأرقم: كنت أراني خازن المسلمين، وإنما خازنك غلامك، والله لا إلى لك بيت المال أبدا، وجاء بالمفاتيح فعلقها على المنبر، ويقال: بل ألقاها إلى عثمان، فرفعها إلى نائل مولاه.
وروى الواقدي ان عثمان أمر زيد بن ثابت أن يحمل من بيت مال المسلمين إلى عبد الله بن الأرقم في عقيب هذا الفعل ثلاثمائة ألف درهم، فلما دخل بها عليه، قال له:
يا أبا محمد، إن أمير المؤمنين أرسل إليك يقول: إنا قد شغلناك عن التجارة، ولك ذوو رحم أهل حاجة، ففرق هذا المال فيهم، واستعن به على عيالك، فقال عبد الله بن الأرقم: ما لي إليه حاجة، وما عملت لان يثيبني عثمان، والله إن كان هذا من بيت مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن أعطى ثلاثمائة ألف، ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن أرزأه (2) من ماله شيئا. وما في هذه الأمور أوضح من أن يشار إليه وينبه عليه.
فأما قوله: ولو صح أنه أعطاهم من بيت المال لجاز أن يكون ذلك على طريق القرض، فليس بشئ، لان الروايات أولا تخالف ما ذكره، وقد كان يجب لما نقم عليه وجوه الصحابة إعطاء أقاربه من بيت المال، أن يقول لهم: هذا على سبيل القرض، وأنا أرد عوضه، ولا يقول ما تقدم ذكره، من أنني أصل به رحمي، على أنه ليس للامام أن يقترض (3) من بيت مال المسلمين إلا ما ينصرف في مصلحة لهم مهمة، يعود عليهم نفعها، أو في سد خلة وفاقة لا يتمكنون من القيام بالامر معها، فأما أن يقرض المال ليتسع به،

(1) صك: كتب، والصك: الكتاب.
(2) ما أحب أن أرزأه، أي ما أحب أن أصيب منه شيئا.
(3) أي يقترض هو ليعطى، وأن يدفع عوضه له من ماله، وانظر س 1 - 3 من ص 34 من هذا الجزء
(٣٦)
مفاتيح البحث: زيد بن ثابت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335