ويمرح فيه مترفي بنى أمية وفساقهم فلا أحد يجيز ذلك.
فأما قوله حاكيا عن أبي على: إن دفعه خمس إفريقية إلى مروان ليس بمحفوظ ولا منقول - فباطل، لان العلم بذلك يجرى مجرى العلم بسائر ما تقدم، ومن قرأ الاخبار علم ذلك على وجه لا يعترض فيه شك، كما يعلم نظائره.
روى الواقدي عن أسامة بن زيد، عن نافع مولى الزبير، عن عبد الله بن الزبير، قال: أغزانا عثمان سنة سبع وعشرين إفريقية، فأصاب عبد الله بن سعد بن أبي سرح غنائم جليلة، فأعطى عثمان مروان بن الحكم تلك الغنائم. وهذا كما ترى يتضمن الزيادة على إعطاء الخمس، ويتجاوزه إلى إعطاء الأصل.
وروى الواقدي، عن عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، قالت: لما بنى مروان داره بالمدينة، دعا الناس إلى طعامه، وكان المسور ممن دعاه، فقال مروان وهو يحدثهم: والله ما أنفقت في داري هذه من مال المسلمين درهما فما فوقه، فقال المسور: لو أكلت طعامك وسكت كان خيرا لك. لقد غزوت معنا إفريقية، وإنك لأقلنا مالا ورقيقا وأعوانا، وأخفنا ثقلا، فأعطاك ابن عمك خمس إفريقية، وعملت على الصدقات، فأخذت أموال المسلمين.
وروى الكلبي عن أبيه، عن أبي مخنف أن مروان ابتاع خمس إفريقية بمائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار، وكلم عثمان، فوهبها له، فأنكر الناس ذلك على عثمان. وهذا بعينه هو الذي اعترف به أبو الحسين الخياط واعتذر عنه بأن قلوب المسلمين تعلقت بأمر ذلك الجيش، فرأى عثمان أن يهب لمروان ثمن ما ابتاعه من الخمس لما جاءه بشيرا بالفتح على سبيل الترغيب. وهذا الاعتذار ليس بشئ، لان الذي رويناه من الاخبار في هذا الباب خال من البشارة، وإنما يقتضى أنه سأله ترك ذلك عليه، فتركه وابتدأ هو بصلته، ولو أتى بشيرا بالفتح كما ادعوا لما جاز أن يترك عليه خمس الغنيمة العائد نفعه على المسلمين،