تصح أنه أعطاهم ذلك من بيت المال، ولو صح ذلك لكان لا يمتنع أن يكون أعطاهم من بيت المال ليرد عوضه من ماله، لان للامام عند الحاجة أن يفعل ذلك، كما له أن يقرض غيره.
وقال شيخنا أبو علي أيضا: إن ما روى من دفعه خمس إفريقية لما فتحت إلى مروان، ليس بمحفوظ ولا منقول على وجه يجب قبوله، وإنما يرويه من يقصد التشنيع.
وقد قال الشيخ أبو الحسين الخياط: إن ابن أبي سرح لما غزا البحر، ومعه مروان في الجيش، ففتح الله عليهم، وغنموا غنيمة عظيمة، اشترى مروان من ابن أبي سرح الخمس بمائة ألف، وأعطاه أكثرها، ثم قدم على عثمان بشيرا بالفتح، وقد كانت قلوب المسلمين تعلقت بأمر ذلك الجيش، فرأى عثمان أن يهب له ما بقي عليه من المال، وللامام فعل مثل ذلك، ترغيبا في مثل هذه الأمور.
قال: وهذا الصنع كان منه في السنة الأولى من إمامته، ولم يبرأ أحد منه فيها، فلا وجه للتعلق بذلك.
وذكر أبو الحسين الخياط أيضا فيما أعطاه أقاربه أنه وصلهم لحاجتهم، فلا يمتنع مثله في الامام إذا رآه صلاحا. وذكر في إقطاعه القطائع لبني أمية، أن الأئمة قد تحصل في أيديهم الضياع لا مالك لها، ويعلمون أنها لا بد فيها ممن يقوم بإصلاحها وعمارتها، ويؤدى عنها ما يجب من الحق، فله أن يصرف من ذلك إلى من يقوم به، وله أيضا أن يهد بعضها على بعض بحسب ما يعلم من الصلاح والتألف، وطريق ذلك الاجتهاد.
* * * اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال: أما قوله: يجوز أن يكون إنما أعطاهم من ماله، فالرواية بخلاف ذلك، وقد صرح الرجل بأنه كان يعطى من بيت المال