وإذا تكافأ القولان في التقدير وتعارضا سقطا، ووجب الرجوع إلى ظاهر الخبر، على أن عثمان مضى مقتولا، فكيف يقال: إن الله تعالى أماته، والقتل كاف في انتفاء الحياة، ليس يحتاج معه إلى ناف للحياة يسمى موتا.
وقول صاحب،، المغني،، يجوز أن يكون ما ناله من الجراح لا يوجب انتفاء الحياة، ليس بشئ، لان المروي أنه ضرب على رأسه بعمود عظيم من حديد، وأن أحد قتلته قال:
جلست على صدره فوجأته تسع طعنات، علمت أنه مات في ثلاث، ووجأته الست الاخر لما كان في نفسي عليه من الحنق.
وبعد: فإذا كان جائزا، فمن أين علمه أمير المؤمنين عليه السلام حتى يقول: إن الله أماته؟ وإن الحياة لم تنتف بما فعله القاتلون (1)، وإنما انتفت بشئ زاد على فعلهم من قبل الله تعالى مما (2) لا يعلمه على سبيل التفصيل إلا علام الغيوب سبحانه.
* * * والجواب عن هذه المطاعن على وجهين، إجمالا وتفصيلا:
أما الوجه الاجمالي، فهو أننا لا ننكر أن عثمان أحدث أحداثا أنكرها كثير من المسلمين، ولكنا ندعى مع ذلك أنها لم تبلغ درجة الفسق، ولا أخبطت ثوابه، وأنها من الصغائر التي وقعت مكفرة (3)، وذلك لأنا قد علمنا أنه مغفور له، وأنه من أهل الجنة لثلاثة أوجه.
أحدها: أنه من أهل بدر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم)، ولا يقال: إن عثمان لم يشهد بدرا، لأنا نقول: صدقتم، إنه لم يشهدها، ولكنه تخلف على رقية ابنة رسول الله