شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٦٧
على أمورهم، وطالبوه بأن يعتزل، لأنه (1) مستول عليهم بغير حق فامتنع من ذلك، ويكون فائدة هذا الكلام التبرؤ من مباشرة قتله، والامر به على سبيل التفصيل أو النهى عنه. ويجوز أن يريد أنني ما أحببت قتله، إن كانوا تعمدوا القتل، ولم يقع على سبيل الممانعة وهو غير مقصود. ويريد بقوله: (ما كرهته) أنى لم أكرهه على كل حال، ومن كل وجه.
فأما لعنه قتلته فقد بينا أنه ليس بظاهر ظهور ما ذكرناه، وإن صح فهو مشروط بوقوع القتل على الوجه المحظور من تعمد له، وقصد إليه وغير ذلك، على أن المتولي للقتل على ما صحت به الرواية كنانة بن بشير التجيبي، وسودان بن حمران المرادي، وما منهما من كان غرضه صحيحا في القتل، ولا له أن يقدم عليه، فهو ملعون به. فأما محمد بن أبي بكر، فما تولى قتله، وإنما روى أنه لما جثا بين يديه قابضا على لحيته، قال له: يا ابن أخي، دع لحيتي، فإن أباك لو كان حيا لم يقعد منى هذا المقعد، فقال محمد: إن أبى لو كان حيا ثم يراك تفعل ما تفعل لا نكره عليك، ثم وجاه (2) بجماعة قداح كانت في يده فحزت في جلده ولم تقطع، وبادره من ذكرناه في قتله بما كان فيه قتله.
فأما تأويله قول أمير المؤمنين عليه السلام: (قتله الله وأنا معه)، على أن المراد به، الله أماته وسيميتني، فبعيد من الصواب، لان لفظة (أنا) لا تكون كناية عن المفعول، وإنما تكون كناية عن الفاعل، ولو أراد ما ذكره لكان يقول: (وإياي معه)، وليس له أن يقول: إننا نجعل قوله: (وأنا معه) مبتدأ محذوف الخبر، ويكون تقدير الكلام:
(وأنا معه مقتول)، وذلك لان هذا ترك للظاهر وإحالة على ما ليس فيه، والكلام إذا أمكن حمله على معنى يستقل ظاهره به من غير تقدير وحذف كان أولى مما يتعلق بمحذوف، على أنهم إذا جعلوه مبتدأ وقدروا خبرا لم يكونوا بأن يقدروا ما يوافق مذهبهم بأولى من تقدير خلافه، ويجعل بدلا من لفظة (المقتول) المحذوفة لفظة (معين) أو (ظهير).

(1 - 1) ب: (لأنه مسؤول عليه بحق) وما أثبته من ا، ج وكتاب الشافي.
(2) وجأه: ضربه.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335