كيف لم يمنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عثمان؟ فقال: إنما قتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.
وروى عن أبي سعيد الخدري، أنه سئل عن مقتل عثمان: هل شهده أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه؟ فقال: نعم، شهده ثمانمائة.
وكيف يقال: إن القوم كانوا كارهين، وهؤلاء المصريون كانوا يغدون إلى كل واحد منهم، ويروحون ويشاورونه فيما يصنعونه! هذا عبد الرحمن بن عوف وهو عاقد الامر لعثمان، وجالبه إليه، ومصيره في يده، يقول - على ما رواه الواقدي، وقد ذكر له عثمان في مرضه الذي مات فيه -: عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه، فبلغ ذلك عثمان فبعث إلى بئر كان عبد الرحمن يسقى منها نعمه، فمنع منها، ووصى عبد الرحمن ألا يصلى عليه عثمان، فصلى عليه الزبير - أو سعد بن أبي وقاص - وقد كان حلف لما تتابعت أحداث عثمان ألا يكلمه أبدا.
وروى الواقدي، قال: لما توفى أبو ذر بالربذة (1) تذاكر أمير المؤمنين عليه السلام وعبد الرحمن فعل عثمان، فقال أمير المؤمنين عليه السلام له: هذا عملك! فقال عبد الرحمن:
فإذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي، إنه خالف ما أعطاني.
فأما محمد بن مسلمة، فإنه أرسل إليه عثمان يقول له عند قدوم المصريين في الدفعة الثانية: أردد عنى، فقال: لا والله لا أكذب الله في سنة مرتين، وإنما عنى بذلك أنه كان أحد من كلم المصريين في الدفعة الأولى، وضمن لهم عن عثمان الرضا.
وفي رواية الواقدي أن محمد بن مسلمة، كان يموت وعثمان محصور، فيقال له: عثمان مقتول، فيقول: هو قتل نفسه.