مروان هو الذي كتب الكتاب، وإنما غلب على ظنه، أما كان يستحق مروان بهذا الظن بعض التعنيف والزجر والتهديد! أو ما كان يجب مع وقوع التهمه عليه، وقوة الامارات في أنه جالب الفتنة وسبب الفرقة أن يبعده عنه، ويطرده من داره ويسلبه ما كان يخصه به من إكرامه! وما في هذه الأمور أظهر من أن ينبه له.
فأما قوله: إن الامر بالقتل لا يوجب قودا ولا دية سيما قبل وقوع القتل المأمور به، فهب أن ذلك على ما قال، أما أوجب (1) الله تعالى على الامر بقتل المسلمين تأديبا ولا تعزيرا ولا طردا ولا إبعادا!
وقوله: لم يثبت ذلك، قد مضى ما فيه، وبين أنه لم يستعمل فيه ما يجب استعماله من البحث والكشف، وتهديد المتهم وطرده وإبعاده والتبرؤ من التهمة بما يتبرأ به من مثلها.
فأما قوله: إن قتله ظلم وكذلك حبسه في الدار، و منعه من الماء، وأنه لو استحق القتل أو الخلع لا يحل أن يمنع الطعام والشراب، وقوله: إن من لم يدفع عن ذلك من الصحابة يجب أن يكون مخطئا، وقوله: إن قتله لو وجب لم يجز أن يتولاه العوام من الناس، فباطل، لان الذين قتلوه غير منكر أن يكونوا تعمدوا قتله، وإنما طالبوه بأن يخلع نفسه لما ظهر لهم من إحداثه، ويعتزل عن (2) الامر اعتزالا يتمكنون معه من إقامة غيره، فلج وصمم على الامتناع، وأقام على أمر واحد، فقصد القوم بحصره أن يلجئوه إلى خلع نفسه، فاعتصم بداره، واجتمع إليه نفر من أوباش بنى أمية، يدفعون عنه، ويرمون من دنا إلى الدار فانتهى الامر إلى القتال بتدريج، ثم إلى القتل، ولم يكن القتال ولا القتل مقصودين في الأصل، وإنما أفضى الامر إليهما على ترتيب، وجرى ذلك مجرى