فأما قوله في جواب سؤال من قال إنهم اعتقدوا فيه أنه من المفسدين في الأرض، وأن آية المحاربة تتناوله، وأنه قد كان يجب أن يتولى الامام ذلك الفعل بنفسه، لان ذلك يجرى مجرى الحد، فطريف، لان الامام يتولى ما يجرى هذا المجرى إذا كان منصوبا ثابتا، ولم يكن على مذهب القوم هناك إمام يجوز أن يتولى ما يجرى مجرى الحدود، ومتى لم يكن إمام يقوم بالدفع عن الدين والذب عن الأمة، جاز أن تتولى الأمة ذلك بنفوسها.
قال: وما رأيت أعجب من ادعاء مخالفينا أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله كانوا كارهين لما جرى على عثمان، وأنهم كانوا يعتقدونه منكرا وظلما، وهذا يجرى عند من تأمله مجر دفع الضرورات قبل النظر في الاخبار، وسماع ما ورد من شرح هذه القصة، لأنه معلوم أن ما يكرهه جميع الصحابة أو أكثرهم في دار عزهم، وبحيث ينفذ أمرهم ونهيهم لا يجوز أن يتم. ومعلوم أن نفرا من أهل مصر لا يجوز أن يقدموا المدينة فيغلبوا جميع المسلمين على آرائهم، ويفعلوا بإمامهم ما يكرهونه بمرأى منهم ومسمع، وهذا معلوم بطلانه بالبداهة والضرورات قبل تصفح الاخبار وتأملها. وقد روى الواقدي عن ابن أبي الزناد، عن أبي جعفر القاري مولى بنى مخزوم، قال: كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة، عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوى، وكنانة بن بشر الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي. والذين قدموا المدينة من الكوفة مائتين، عليهم مالك الأشتر النخعي.
والذين قدموا من البصرة مائة رجل، رئيسهم حكيم بن جبلة العبدي، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله الذين خذلوه لا يرون أن الامر يبلغ به القتل، ولعمري لو قام بعضهم فحثا التراب في وجوه أولئك لانصرفوا، وهذه الرواية تضمنت من عدد القوم الوافدين في هذا الباب أكثر مما تضمنه غيرها.
وروى شعبة بن الحجاج عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قال: قلت له: