وأما قصة الكتاب الموجود، فلم يحكها على الوجه، وقد شرحنا نحن الرواية الواردة بها.
وأما قوله: إنه قال: إن كنت أخطأت أو تعمدت، فإني تائب مستغفر، فقد أجابه القوم عن هذا، وقالوا: هكذا قلت في المرة الأولى، وخطبت على المنبر بالتوبة والاستغفار، ثم وجدنا كتابك بما يقتضى الاصرار على أقبح ما عتبنا منه (1)، فكيف نثق بتوبتك و استغفارك!
فأما قوله: إن القتل على وجه الغيلة لا يحل فيمن يستحق القتل، فكيف فيمن لا يستحقه! فقد بينا أنه لم يكن على سبيل الغيلة، وأنه لا يمتنع أن يكون إنما وقع على سبيل المدافعة.
فأما ادعاؤه أنه منع من نصرته، وأقسم على عبيده بترك القتال، فقد كان ذلك لعمري في ابتداء الامر ظنا منه أن الامر ينصلح، والقوم يرجعون عما هموا به، فلما اشتد الامر، ووقع اليأس من الرجوع والنزوع، لم يمنع أحدا من نصرته والمحاربة عنه، وكيف يمنع من ذلك، وقد بعث إلى أمير المؤمنين عليه السلام يستنصره ويستصرخه!
والذي يدل على أنه لم يمنع في الابتداء من محاربتهم إلا للوجه الذي ذكرناه دون غيره، أنه لا خلاف بين أهل الرواية في أن كتبه تفرقت في الآفاق يستنصر ويستدعى الجيوش، فكيف يرغب عن نصرة الحاضر من يستدعى نصرة الغائب!
فأما قوله: إن أمير المؤمنين عليه السلام أراد أن يأتيه، حتى منعه ابنه محمد، فقول بعيد مما جاءت به الرواية جدا، لأنه لا إشكال في أن أمير المؤمنين عليه السلام لما واجهه عثمان بأنه يتهمه ويستغشه، انصرف مغضبا عامدا، على أنه لا يأتيه أبدا، قائلا فيه ما يستحقه من الأقوال.