ابن أحمد بن محمد العلقمي (1)، نصير أمير المؤمنين - أسبغ الله عليه من ملابس النعم أضفاها، وأحله من مراقب السعادة مراتب السيادة أشرفها وأعلاها - لما شرفت عبد دولته، وربيب نعمته بالاهتمام بشرح " نهج البلاغة " - على صاحبه أفضل الصلوات، ولذكره أطيب التحيات - بادر إلى ذلك مبادرة من بعثه من قبل عزم، ثم حمله (2) أمر جزم، وشرع فيه بادي الرأي شروع مختصر، وعلى ذكر الغريب والمعنى مقتصر، ثم تعقب الفكر فرأى أن هذه النغبة (3) لا تشفى أو اما، ولا تزيد الحائم الا حياما، فتنكب ذلك المسلك، ورفض ذلك المنهج، وبسط القول في شرحه بسطا اشتمل على الغريب والمعاني وعلم البيان، وما عساه يشتبه ويشكل من الاعراب والتصريف، وأورد في كل موضع ما يطابقه من النظائر والأشباه، نثرا ونظما، وذكر ما يتضمنه من السير والوقائع والاحداث فصلا فصلا، وأشار إلى ما ينطوي عليه من دقائق علم التوحيد والعدل إشارة خفيفه، ولوح إلى ما يستدعى الشرح ذكره من الأنساب والأمثال والنكت تلويحات لطيفه، ورصعه من المواعظ الزهدية، والزواجر الدينية، والحكم النفسية، والآداب الخلقية، المناسبة لفقره، والمشاكلة لدرره، والمنتظمة مع معانيه في سمط، والمتسقة مع جواهره في لط (4)، بما يهزأ بشنوف النضار، ويخجل قطع الروض غب القطار، وأوضح ما يومئ إليه من المسائل الفقهية، وبرهن على أن كثيرا من فصوله داخل في باب المعجزات المحمدية، لاشتمالها على
(٤)