أي تركه هملا يسرح حيث يشاء من غير وازع ولا مانع، والفقهاء يذكرون هذه اللفظة في كنايات الطلاق. وعفطة عنز: ما تنثره من أنفها عفطت تعفط بالكسر، وأكثر ما يستعمل ذلك في النعجة، فأما العنز فالمستعمل الأشهر فيها " النفطة " بالنون، ويقولون:
ما له عافط ولا نافط، أي نعجة ولا عنز. فإن قيل: أيجوز أن يقال العفطة هاهنا الحبقة؟
فإن ذلك يقال في العنز خاصة، عفطت تعفط. قيل: ذلك جائز، إلا أن الأحسن والأليق بكلام أمير المؤمنين عليه السلام التفسير الأول، فإن جلالته وسؤدده تقتضي أن يكون ذاك أراد لا الثاني. فإن صح أنه لا يقال في العطسة عفطة إلا للنعجة. قلنا: إنه استعمله في العنز مجازا.
يقول عليه السلام: لولا وجود من ينصرني - لا كما كانت الحال عليها أولا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، فإني لم أكن حينئذ واجدا للناصر مع كوني مكلفا ألا أمكن الظالم من ظلمه - لتركت الخلافة، ولرفضتها الآن كما رفضتها قبل، ولوجدتم هذه الدنيا عندي أهون من عطسة عنز، وهذا إشارة إلى ما يقوله أصحابنا من وجوب النهى عن المنكر عند التمكن.
* * * الأصل:
قالوا: وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتابا فأقبل ينظر فيه، قال له ابن عباس رضي الله عنهما:
يا أمير المؤمنين، لو اطردت خطبتك من حيث أفضيت! فقال: هيهات يا بن عباس!
تلك شقشقة هدرت ثم قرت.
قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد.
* * *