قال الرضى: قوله عليه السلام في هذه الخطبة: " كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم "، يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها، وإن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها.
يقال: أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه، شنقها أيضا، ذكر ذلك ابن السكيت في " إصلاح المنطق ". وإنما قال عليه السلام: " أشنق لها " ولم يقل " أشنقها " لأنه جعله في مقابلة قوله: " أسلس لها "، فكأنه قال: إن رفع لها رأسها بالزمام أمسكه عليها بالزمام، وفى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته وقد شنق لها فهي تقصع بجرتها.
ومن الشاهد على أن " أشنق " بمعنى شنق قول عدى بن زيد العبادي:
ساءها ما لها تبين في الأيدي وإشناقها إلى الأعناق * * * الشرح:
سمى السواد سوادا لخضرته بالزروع والأشجار والنخل، والعرب تسمى الأخضر أسود، قال سبحانه: (مدهامتان) يريد الخضرة. وقوله: " لو اطردت مقالتك، أي أتبعت الأول قولا ثانيا! من قولهم: اطرد النهر إذا تتابع جريه.
وقوله: " من حيث أفضيت " أصل أفضى خرج إلى الفضاء، فكأنه شبهه عليه السلام حيث سكت عما كان يقوله، بمن خرج من خباء أو جدار إلى فضاء من الأرض، وذلك لان النفس والقوى والهمة عند ارتجال الخطب، والاشعار تجتمع إلى القلب، فإذا قطع الانسان وفرغ، تفرقت وخرجت عن حجر الاجتماع واستراحت.