إلى أخلائهم وذوي مودتهم مثل هذا. في مثل هذه الحال، فردها وكتب إلي: هذا الكتاب فأقرأه، قال: فقرأته، وهو اعتذار عن الرد، وفي جملته: إننا أهل بيت لا نطلع على أحوالنا قابلة غريبة، وإنما عجائزنا يتولين هذا الامر من نسائنا، ولسن ممن يأخذن أجره، ولا يقبلن صلة. قال: فهذا هذا.
وأما المرتضى فإننا كنا قد وزعنا وقسطنا على الأملاك ببادوريا تقسيطا نصرفه في حفر فوهة النهر المعروف بنهر عيسى، فأصاب ملكا للشريف المرتضى بالناحية المعروفة بالداهرية من التقسيط عشرون درهما، ثمنها دينار واحد، قد كتب إلي منذ أيام في هذا المعنى هذا الكتاب، فأقرأه، فقرأته، وهو أكثر من مائة سطر، يتضمن من الخضوع والخشوع والاستمالة والهز والطلب والسؤال في إسقاط هذه الدراهم المذكورة عن أملاكه المشار إليها ما يطول شرحه.
قال فخر الملك: فأيهما ترى أولى بالتعظيم والتبجيل؟ هذا العالم المتكلم الفقيه الأوحد ونفسه هذه النفس، أم ذلك الذي لم يشهر إلا بالشعر خاصة، ونفسه تلك النفس! فقلت:
وفق الله تعالى سيدنا الوزير، فما زال موفقا، والله ما وضع سيدنا الوزير الامر إلا في موضعه، ولا أحله إلا في محله! وقمت فانصرفت.
* * * وتوفي الرضي رحمه الله في المحرم من سنة أربع وأربعمائة، وحضر الوزير فخر الملك، وجميع الأعيان والاشراف والقضاة جنازته، والصلاة عليه، ودفن في داره بمسجد الأنباريين بالكرخ، ومضى أخوه المرتضى من جزعه عليه إلى مشهد موسى بن جعفر عليهما السلام، لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه، وصلى عليه فخر الملك أبو غالب، ومضى بنفسه آخر النهار إلى أخيه المرتضى بالمشهد الشريف الكاظمي، فألزمه بالعود إلى داره.