وقد علم الله سبحانه أنى كنت كارها للحكومة، بين أمة محمد صلى الله عليه وآله، ولقد سمعته يقول: " ما من وال يلي شيئا من أمر أمتي إلا أتى به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه على رؤوس الخلائق، ثم ينشر كتابه، فإن كان عادلا نجا، وإن كان جائرا هوى "، حتى اجتمع على ملؤكم، وبايعني طلحة والزبير، وأنا أعرف الغدر في أوجههما، والنكث في أعينهما، ثم استأذناني في العمرة، فأعلمتهما أن ليس العمرة يريدان، فسارا إلى مكة واستخفا عائشة وخدعاها، وشخص معهما أبناء الطلقاء (5)، فقدموا البصرة، فقتلوا بها المسلمين، وفعلوا المنكر. ويا عجبا لاستقامتهما لأبي بكر وعمر وبغيهما على! هما يعلمان أنى لست دون أحدهما، ولو شئت أن أقول لقلت، ولقد كان معاوية كتب إليهما من الشام كتابا يخدعهما فيه، فكتماه عنى، وخرجا يوهمان الطغام أنهما يطلبان بدم عثمان، والله ما أنكرا على منكرا، ولا جعلا بيني وبينهم نصفا، وإن دم عثمان لمعصوب بهما، ومطلوب منهما. يا خيبة الداعي! إلام دعا! وبما ذا أجيب؟ والله إنهما لعلى ضلالة صماء، وجهالة عمياء، وإن الشيطان قد ذمر لهما حزبه، واستجلب منهما خيله ورجله، ليعيد الجور إلى أوطانه، ويرد الباطل إلى نصابه.
ثم رفع يديه، فقال: اللهم إن طلحة والزبير قطعاني، وظلماني، وألبا على، ونكثا بيعتي، فاحلل ما عقدا، وانكث ما أبرما، ولا تغفر لهما أبدا، وأرهما المساءة فيما عملا وأملا!
قال أبو مخنف: فقام إليه الأشتر، فقال:
الحمد لله الذي من علينا فأفضل، وأحسن إلينا فأجمل، قد سمعنا كلامك يا أمير المؤمنين، ولقد أصبت ووفقت، وأنت ابن عم نبينا وصهره، ووصيه، وأول مصدق به، ومصل معه، شهدت