عليه وآله وأهله الأدنين من بني هاشم، لا سيما عليا عليه السلام، أنعموا على الخلق كافة بنعمة لا يقدر قدرها، وهي الدعاء إلى الاسلام والهداية إليه، فمحمد صلى الله عليه وآله وإن كان هدى الخلق بالدعوة التي قام بها بلسانه ويده، ونصره الله تعالى له بملائكته وتأييده، وهو السيد المتبوع، والمصطفى المنتجب الواجب الطاعة، إلا أن لعلى عليه السلام من الهداية أيضا - وإن كان ثانيا لأول، ومصليا على إثر سابق - ما لا يجحد، ولو لم يكن إلا جهاده بالسيف أولا وثانيا، وما كان بين الجهادين من نشر العلوم وتفسير القرآن وإرشاد العرب إلى ما لم تكن له فاهمة ولا متصورة، لكفى في وجوب حقه، وسبوغ نعمته عليه السلام.
فإن قيل: لا ريب في أن كلامه هذا تعريض بمن تقدم عليه، فأي نعمة له عليهم؟
قيل: نعمتان. الأولى منهما الجهاد عنهم وهم قاعدون، فإن من أنصف علم أنه لولا سيف علي عليه السلام لاصطلم المشركون، من أشار إليه وغيرهم من المسلمين، وقد علمت آثاره في بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وحنين، وأن الشرك فيها فغرفاه، فلولا أن سده بسيفه لالتهم المسلمين كافة - والثانية علومه التي لو لاها لحكم بغير الصواب في كثير من الاحكام، وقد اعترف عمر له بذلك، والخبر مشهور: " لولا على لهلك عمر ".
ويمكن أن يخرج كلامه على وجه آخر، وذلك أن العرب تفضل القبيلة التي (2) منها الرئيس الأعظم على سائر القبائل، وتفضل الأدنى منه نسبا فالأدنى على سائر آحاد تلك القبيلة، فإن بنى دارم يفتخرون بحاجب وإخوته، وبزرارة أبيهم على سائر بنى تميم، ويسوغ للواحد من أبناء بنى دارم، أن يقول: لا يقاس ببني دارم أحد من بنى تميم، ولا يستوي بهم من جرت رياستهم عليه أبدا، ويعني بذلك أن واحدا من بنى دارم قد رأس على بنى تميم، فكذلك لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله رئيس الكل،