والمنعم على الكل، جاز لواحد من بني هاشم، لا سيما مثل علي عليه السلام أن يقول هذه الكلمات.
* * * واعلم أن عليا عليه السلام كان يدعى التقدم على الكل، والشرف على الكل، والنعمة على الكل، بابن عمه صلى الله عليه وآله، وبنفسه وبأبيه أبى طالب، فإن من قرأ علوم السير عرف، أن الاسلام لولا أبو طالب لم يكن شيئا مذكورا.
وليس لقائل أن يقول: كيف يقال هذا في دين تكفل الله تعالى بإظهاره، سواء أبو طالب موجودا أو معدوما؟ لأنا نقول: فينبغي على هذا ألا يمدح رسول الله صلى الله عليه وآله، لا يقال: إنه هدى الناس من الضلالة، وأنقذهم من الجهالة، وأن له حقا على المسلمين. وأنه لو لاه لما عبد الله تعالى في الأرض، وألا يمدح أبو بكر، ولا يقال: إن له أثرا في الاسلام، وأن عبد الرحمن وسعدا وطلحة وعثمان، وغيرهم من الأولين في الدين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وآله لاتباعه له، وأن له يدا غير مجحودة في الانفاق، واشتراء المعذبين واعتاقهم، وأنه لو لاه لاستمرت الردة بعد الوفاة، وظهرت دعوة مسيلمة وطليحة وأنه لولا عمر لما كانت الفتوح، ولا جهزت الجيوش، ولا قوى أمر الدين بعد ضعفه، ولا انتشرت الدعوة بعد خمولها.
فإن قلتم في كل ذلك: إن هؤلاء يحمدون ويثني عليهم، لان الله تعالى أجرى هذه الأمور على أيديهم، ووفقهم لها، والفاعل بذلك بالحقيقة هو الله تعالى، وهؤلاء آلة مستعملة، ووسائط تجرى الافعال على أيديها، فحمدهم والثناء عليهم، والاعتراف لهم إنما هو باعتبار ذلك.
قيل: لكم في شأن أبى طالب مثله (1).
* * *