في المنثور، وأما في المنظوم فأن تتساوى الحروف التي قبل الروى مع كونها ليست بواجبة التساوي، مثال ذلك قول بعض شعراء الحماسة (1):
بيضاء باكرها النعيم فصاغها * بلباقة فأدقها وأجلها (2) حجبت تحيتها فقلت لصاحبي * ما كان أكثرها لنا وأقلها وإذا وجدت لها وساوس سلوة شفع الضمير إلى الفؤاد فسلها (3) ألا تراه كيف قد لزم اللام الأولى من اللامين اللذين صارا حرفا مشددا! فالثاني منهما هو الروى، واللام الأول الذي قبله التزام ما لا يلزم، فلو قال في القصيدة: وصلها، وقبلها، وفعلها، لجاز.
واحترزنا نحن بقولنا: مع كونها ليست بواجبة التساوي عن قول الراجز، وهو من شعر الحماسة أيضا:
وفيشة ليست كهذي الفيش * قد ملئت من نزق وطيش (4) إذا بدت قلت أمير الجيش * من ذاقها يعرف طعم العيش.
فإن لزوم الياء قبل حرف الروى ليس من هذا الباب، لأنه لزوم واجب، ألا ترى أنه لو قال في هذا الرجز: البطش والفرش والعرش لم يجز، لان الردف (5) لا يجوز أن يكون حرفا خارجا عن حروف العلة، وقد جاء من اللزوم في الكتاب العزيز مواضع