المشاهدة حسا إنما هو بحسب ارتعاد أجزاء الفلك الأدنى. قالوا فأما الكواكب الثابتة فإنما (1) لم نشاهدها كذلك، لأنها ليست بمتحركة، وأما القمر وإن كان في السماء الدنيا، إلا أن فلك تدويره من جنس الاجرام الفوقانية، وليس بماء متموج كالفلك الممثل التحتاني.
وكذلك القول في الشمس.
ومنها: أن الكواكب في قوله: " ثم زينها بزينة الكواكب " أين هي؟ فإن اللفظ محتمل، وينبغي أن يتقدم على ذلك بحث في أصل قوله تعالى: " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب. وحفظا من كل شيطان مارد " (2).
فنقول: إن ظاهر هذا اللفظ أن الكواكب في السماء الدنيا، وأنها جعلت فيها حراسة للشياطين من استراق السمع، فمن دنا منهم لذلك رجم بشهاب، وهذا هو الذي يقتضيه ظاهر اللفظ. ومذهب الحكماء أن السماء الدنيا ليس فيها إلا القمر وحده، وعندهم أن الشهب المنقضة هي آثار تظهر في الفلك الأثيري الناري الذي تحت فلك القمر، والكواكب لا ينقض منها شئ، والواجب التصديق بما في ظاهر لفظ الكتاب العزيز، وأن يحمل كلام أمير المؤمنين عليه السلام على مطابقته، فيكون الضمير في قوله: " زينها " راجعا إلى " سفلاهن "، التي قال " إنها موج مكفوف "، (3) ويكون الضمير في قوله:
" وأجرى فيها " راجعا إلى جملة السماوات: إذا وافقنا الحكماء في أن الشمس في السماء الرابعة.
ومنها: أن ظاهر الكلام يقتضي أن خلق السماوات بعد خلق الأرض، ألا تراه كيف لم يتعرض فيه لكيفية خلق الأرض أصلا! وهذا قول قد ذهب إليه جماعة من أهل الملة،