(محمد بن إسحاق) بن يسار أحد الأئمة ثقة على ما هو الحق (حبان) بفتح أوله والموحدة (قال) أي محمد بن يحيى (قلت) لعبد الله بن عبد الله (أرأيت) معناه الاستخبار أي أخبرني عن كذا وهو بفتح المثناة الفوقانية في الواحد والمثنى والجمع تقول أرأيت وأرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم واستعمال أرأيت في الإخبار مجاز أي أخبروني عن حالتكم العجيبة ووجه المجاز أنه لما كان العلم بالشئ سببا للإخبار عنه أو الإبصار به طريقا إلى الإحاطة به علما وإلى صحة الإخبار عنه استعملت الصيغة التي لطلب العلم أو لطلب الإبصار في طلب الخبر لاشتراكهما في الطلب ففيه مجازان استعمال رأي التي بمعنى علم أو أبصر في الإخبار واستعمال الهمزة التي هي لطلب الرؤية في طلب الإخبار قال أبو حبان في النهر ومذهب البصريين أن التاء هي الفاعل وما لحقها حرف خطاب يدل على اختلاف المخاطب ومذهب الكسائي أن الفاعل هو التاء وأن أداة الخطاب اللاحقة في موضع المفعول الأول ومذهب الفراء أن التاء هي حرف خطاب كهي في أنت وأن أداة الخطاب بعده هي في موضع الفاعل استعيرت فيه ضمائر النصب للرفع ولا يلزم عن كون أرأيت بمعنى أخبرني أن يتعدى تعديته لأن أخبرني يتعدى بعن تقول أخبرني عن زيد وأرأيت يتعدى لمفعول به صريح وإلى جملة استفهامية هي في موضع المفعول الثاني أرأيتك زيدا ما صنع فما بمعنى أي شئ مبتدأ وصنع في موضع الخبر ويرد على مذهب الكسائي أمران أحدهما أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك أرأيتك زيدا ما فعل فلو جعلت الكاف مفعولا لكانت المفاعيل ثلاثة وثانيهما أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى لأن كلا من الكاف والتاء واقع على المخاطب وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك ولذلك قلت أرأيتك زيدا وزيد ليس هو المخاطب ولا هو بدل منه وقال الفراء كلاما حسنا رأيت أن أذكره فإنه متين نافع قال للعرب في أرأيت لغتان ومعنيان أحدهما رؤية العين فإذا أردت هذا عديت الرؤية بالضمير إلى المخاطب وتتصرف تصرف سائر الأفعال تقول للرجال أرأيتك على غير هذه الحال تزيد هل رأيت نفسك ثم تثنى وتجمع فتقول أرأيتما كما أرأيتموكم أرأيتكن أرأيتك المعنى الآخر أن تقول أرأيتك وأنت تريد معنى أخبرني كقولك أرأيتك إن فعلت كذا ماذا تفعل أي أخبرني وتترك التاء إذا أردت هذا المعنى موحدة على كل حال تقول أرأيتكما أرأيتكم أرأيتكن وإنما تركت العرب التاء واحدة لأنهم لم يريدوا أن يكون الفعل واقعا من المخاطب على نفسه فاكتفوا من علاقة المخاطب بذكرها في الكاف وتركوا التاء في التذكير والتوحيد مفردة إذا لم يكن الفعل واقعا واعلم أن الناس اختلفوا في الجملة الاستفهامية الواقعة بعد المنصوب أرأيتك زيدا ما صنع فالجمهور على أن زيدا مفعول أول والجملة بعده في محل
(٤٨)