اصطلاح المحدثين هو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة من راو واحد مرتين أو أكثر أو من راويين أو رواة ويقع الاضطراب في الإسناد تارة وفي المتن أخرى ويقع في الإسناد والمتن معا من راو واحد أو راويين أو جماعة والاضطراب موجب لضعف الحديث لإشعاره بعدم الضبط من رواته الذي هو شرط في الصحة والحسن فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ راويها مثلا أو كثرة صحبة المروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالحكم للراجحة ولا يكون الحديث مضطربا (ولم يذكر أحد منهم) أي من رواة الزهري في هذا الحديث (الضربتين إلا من سميت) أي ذكرت اسمه وهم يونس وابن إسحاق ومعمر فإنهم رووا عن الزهري لفظ الضربتين وما عداهم كصالح بن كيسان والليث بن سعد وعمرو بن دينار ومالك بن أبي ذئب وغيرهم فكلهم رووه ولم يذكر أحد من هؤلاء ضربتين وأما لفظ المناكب والآباط فقد اتفق الكل في رواياتهم عن الزهري على هذه اللفظة غير ابن إسحاق فإنه قال في روايته المرفقين قال المنذري وقال غيره أي غير أبي داود حديث عمار لا يخلو إما أن يكون عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولا فإن لم يكن عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا ولا حجة لأحد مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم والحق أحق أن يتبع وإن كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فهو منسوخ وناسخه حديث عمار أيضا وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه ولا يجوز على عمار إذا ذكر تيممهم مع النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية إلى المناكب إن كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه منسوخ عنده إذ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتيمم على الوجه والكفين أو يكون لم يرو عنه إلا تيمما واحدا واختلف روايته عنه فتكون رواية ابن الصمة التي لم تختلف أثبت وإذا لم تختلف فأولى أن يؤخذ بها لأنها أوفق لكتاب الله من الروايتين اللتين رويتا مختلفين أو يكون إنما سمعوا آية التيمم عند حضور صلاة فتيمموا فاحتاطوا وأتوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد لأن ذلك لا يضرهم كما لا يضرهم لو فعلوه في الوضوء فلما صاروا إلى مسألة النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم أنهم يجزيهم من التيمم أقل مما فعلوا وهذا أولى مما فعلوا وهذا أولى المعاني عندي برواية ابن شهاب من حديث عمار بما وصفت من الدلائل قال الخطابي لم يختلف أحد من أهل العلم في أنه لا يلزم المتيمم أن يمسح بالتراب ما وراء المرفقين وفيما قاله نظر فقد ذكر ابن المنذر والطحاوي وغيرهما عن الزهري أنه كان يرى التيمم إلى الآباط وقد أخرج
(٣٥٣)