يتوضأ قال نعم وللترمذي من طريق حميد عن أنس يتوضأ لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر وظاهره أن تلك كانت عادته لكن حديث بشير بن يسار مولى بنى حارثة عن سويد بن النعمان المروي في البخاري وغيره وسيجئ بتمامه يدل على أن المراد الغالب قال الطحاوي يحتمل أن ذلك كان واجبا عليه خاصة ثم نسخ يوم الفتح لحديث بريدة الآتي ويحتمل أنه كان يفعله استحبابا ثم خشي أن يظن وجوبه فترك لبيان الجواز قال الحافظ وهذا أقرب وعلى تقدير الأول فالنسخ كان قبل الفتح بدليل حديث سويد بن النعمان فإنه كان في خيبر وهي قبل الفتح بزمان (وكنا نصلي الصلوات بوضوء واحد) ولابن ماجة كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد قال المنذري وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة (يوم الفتح) أي فتح مكة شرفها الله تعالى وهو سنة ثمان من الهجرة (خمس صلوات بوضوء واحد) قال الإمام محي الدين النووي والحديث فيه جواز الصلوات والمفروضات والنوافل بوضوء واحد ما لم يحدث وهذا جائز بإجماع من يعتد به وحكى أبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن بن بطال في شرح صحيح البخاري عن طائفة من العلماء أنهم قالوا يجب الوضوء لكل صلاة وإن كان متطهرا واحتجوا بقول الله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية وما أظن هذا المذهب يصح عن أحد ولعلهم أرادوا استحباب تجديد الوضوء عند كل صلاة ودليل الجمهور الأحاديث الصحيحة منها حديث بريدة هذا وحديث أنس في صحيح البخاري كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة وكان أحدنا يكفيه الوضوء ما لم يحدث وحديث سويد بن نعمان الذي تقدمت الإشارة إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر ثم أكل سويقا ثم صلى المغرب ولم يتوضأ وفي معناه أحاديث كثيرة كحديث الجمع بين الصلاتين بعرفة والمزدلفة وسائر الأسفار والجمع بين الصلوات الفائتان يوم الخندق وغير ذلك وأما الآية الكريمة فالمراد بها والله أعلم إذا قمتم محدثين وقيل إنها منسوخة قال النووي وهذا القول ضعيف (لم تكن تصنعه) قبل هذا (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (عمدا صنعته) قال علي بن سلطان في مرقاة المفاتيح الضمير راجع للمذكور وهو جمع الصلوات الخمس بوضوء واحد والمسح على الخفين وفيه دليل على أن من يقدر أن يصلي صلوات كثيرة بوضوء واحد لا يكره صلاته إلا أن يغلب عليه الأخبثان كذا ذكره الشراح لكن رجوع
(٢٠١)