راهويه وأحمد بن حنبل إنهما واجبتان في الوضوء والغسل لا يصحان إلا بهما قلت هذا هو الحق وتجئ دلائله في باب الاستنثار إن شاء الله تعالى وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة إنهما واجبتان في الغسل دون الوضوء وقال أبو ثور وأبو عبيد وداود والظاهري وأبو بكر بن المنذر إن الاستنشاق واجب فيهما والمضمضة سنة فيهما حكاه النووي واتفق الجمهور على أنه يكفي في غسل الأعضاء في الوضوء والغسل جريان الماء على الأعضاء ولا يشترط الدلك وانفرد مالك والمزني باشتراطه واتفق الجماهير على وجوب غسل الكعبين والمرفقين وانفرد زفر وداود الظاهري بقولهما لا يجب واتفق العلماء على أن الكعبين العظمان الناتئان بين الساق والقدم وفي كل رجل كعبان وشذت الرافضة فقالت في كل رجل كعب وهو العظم الذي في ظهر القدم وحجة العلماء في ذلك نقل أهل اللغة وقوله غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين فأثبت في كل رجل كعبين قاله النووي (ثم قال) عثمان رضي الله عنه (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وضوئي هذا) أي على وجه الاستيعاب والكمال بأن لم يقصر عما توضأت به (ثم صلى ركعتين ) فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء (لا يحدث) من التحديث (فيهما) في الركعتين (نفسه) مفعول لا يحدث قال النووي والمراد به لا يحدث بشئ من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة ولو عرض [له] حديث فأعرض عنه لمجرد عروضه عفى عن ذلك وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى لأن هذا ليس من فعله وقد عفى لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر وقال الحافظ المرا به ما تسترسل النفس معه ويمكن المرء قطعه لأن قوله يحدث يقتضي تكسبا منه فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس ويتعذر دفعه فذلك معفو عنه (من ذنبه) من الصغائر دون الكبائر كما في مسلم من التصريح بقوله كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة فالمطلق يحمل على المقيد قال الحافظ في فتح الباري ظاهره يعم الكبائر والصغائر لكن خصوه بالصغائر لوروده مقيدا باستثناء الكبائر في غير هذه الرواية وهو في حق من له كبائر وصغائر فمن ليس له إلا الصغائر كفرت عنه ومن ليس له إلا الكبائر خفف عنه منها بقدر ما لصاحب الصغائر ومن ليس له صغائر ولا كبائر يزاد في حسناته بنظير ذلك والحديث فيه مسائل التعليم بالفعل لكونه أبلغ وأضبط للمتعلم والترتيب في أعضاء الوضوء للاتيان في جميعها بثم والترغيب في الإخلاص وتحذير من لها في صلاته بالتفكر في أمور الدنيا من عدم القبول انتهى قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي
(١٢٦)