بأس لهما قراءة بعض الآية أو حرف أو حرفين أو نحو ذلك وأما قراءة الآية بتمامها فلا يجوز لهما البتة قال الخطابي في الحديث من الفقه أن الجنب لا يقرأ القرآن وكذلك الحائض لا تقرأ لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة وقال مالك في الجنب أنه لا يقرأ الآية ونحوها وقد حكى أنه قال تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب لأن الحائض إن لم تقرأ نسيت القرآن لأن أيام الحيض تتطاول ومدة الجنابة لا تطول وروى عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأسا بقراءة الجنب القرآن وأكثر العلماء على تحريمه انتهى قلت قول الأكثر هو الراجح يدل عليه حديث الباب والله تعالى أعلم تنبيه أعلم أن البخاري عقد بابا في صحيحه يدل على أنه قائل بجواز قراءة القرآن للجنب والحائض فإنه قال باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وقال إبراهيم لا بأس أن تقرأ الآية ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه وذكر آثارا أخرى ثم ذكر فيه حديث عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج فلما جئنا سرف حضت الحديث وفيه فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري قال الحافظ في الفتح قال ابن بطال وغيره إن مراد البخاري الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ولم تمنع الحائض من شئ من ذلك فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه ومنع القراءة إن كان لكونه ذكر الله فلا فرق بينه وبين ما ذكر وإن كان تعبدا فيحتاج إلى دليل خاص ولم يصح عند المصنف يعني البخاري شئ من الأحاديث الواردة في ذلك وإن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره لكن أكثرها قابل للتأويل ولهذا تمسك البخاري ومن قال بالجواز غيره كالطبري وابن المنذر وداود بعموم حديث كان يذكر الله على كل أحيانه لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن وبغيره وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف والحديث المذكور وصله مسلم من حديث عائشة ثم قال الحافظ وفي جميع ما استدل به نزاع يطول ذكره لكن الظاهر من تصرفه ما ذكرناه واستدل الجمهور على المنع بحديث علي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن القرآن شئ ليس الجنابة رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان وضعف بعضهم بعض رواته والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة لكن قيل في الاستدلال به نظر لأنه فعل مجرد فلا يدل على تحريم ما عداه وأجاب الطبري عنه بأنه محمول على الأكمل جمعا بين الأدلة وأما حديث ابن عمر
(٣٤٨)